البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

وفي قوله ما يشاؤونه دليل على أن حصول المرادات بأسرها لا تكون ألاّ في الجنة .

وشمل قوله { جزاءً ومصيراً } الثواب ومحله كما قال { نعم الثواب وحسنت مرتفقاً } وفي ضده { بئس الشراب وساءت مرتفقاً } لأنه بطيب المكان يتضاعف النعيم ، كما أنه برداءته يتضاعف العذاب { وعداً } أي موعوداً { مسؤولاً } سألته الملائكة في قولهم { ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم } قاله محمد بن كعب والناس في قولهم { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة } وقال معناه ابن عباس وابن زيد .

وقال الفراء : { وعداً مسؤولاً } أي واجباً يقال لأعطينك ألفاً وعداً مسؤولاً أي واجباً ، وإن لم يسأل .

قيل : وما قاله الفراء محال انتهى .

وليس محالاً إذ يكون المعنى أنه ينبغي أن يسأل هذا الوعد الذي وعدته أو بصدد أن يسأل أي من حقه أن يكون مسؤولاً .

و { على ربك } أي بسبب الوعد صار لا بد منه .

وقال الزمخشري : كان ذلك موعوداً واجباً على ربك انجازه حقيقاً أن يسأل .

ويطلب لأنه جزاء وأجر مستحق ، وهذا على مذهب المعتزلة .