تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

[ الآية 16 ] وقوله تعالى : { لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا } يحتمل قوله : { وعدا مسئولا } مما سألته لهم الملائكة كقوله : { ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم } الآية [ غافر : 8 ] أو{[14344]} سؤال الرسل كقوله : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } الآية [ آلة عمران : 194 ] أو { وعدا مسئولا } مما سألوا ربهم ، فوعد لهم ذلك .

فهذا يدل أهم إنما يدخلون الجنة بالسؤال والتشفع لهم والتضرع ، لا أنهم يستوجبون بأعمالهم .

وقال يدل أنهم إنما يدخلون الجنة بالسؤال والتشفع لهم والتضرع ، لا أنهم يستوجبون ذلك بأعمالهم .

وقال بعضهم في قوله : { وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا }في السلاسل ؛ ذلك أنهم إذا ألقوا فيها تضايقت عليهم كتضايق الزج في الرمح ، فالأسفلون ، يرفعهم اللهب ، والأعلون ، يخفضهم اللهب ، فيزدحمون في تلك الأبواب الضيقة ، فتضيق{[14345]} عليهم . فعند ذلك يدعون بالثبور ؛ يقولون : يا ثبوراه ، ويا ويلاه .

وروي مثله عن عبد الله بن عمر ؛ وكان يقول : إن جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج في الرمح ، وقوله : { دعوا هنالك ثبورا } يقولون{[14346]} : ويلا ، وهلاكا ، ويقول{[14347]} الله تعالى : { لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا } ثم يقول : { قل أذلك خير } يعني الذي ذكر { أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا } أي منزلا .

قال أبو عوسجة : التغيظ من الغيظ ، والزفير [ والشهيق ، يكونان ]{[14348]} في الحلق ، وشهق يشهق شهيقا وشهقا ، وهو نفس في الحلق شديد ، له صوت . وقال : { ثبورا } أي هلاكا ، وصرفه : ثبر يثبر ثبرا ، فهو مثبور . وقال القتبي { تغيظا وزفيرا } أي تغيظا عليهم . كذلك قال المفسرون .

وقال بعضهم : بل يسمعون فيها تغيظ المعذبين وزفيرهم ، واعتبروا ذلك بقول الله تعالى : { لهم فيها زفير وشهيق } [ هود : 106 ] . واعتبروه الأولون بقوله : { تكاد تميز من الغيظ } [ الملك : 8 ] . وهذا أشبه التفسيرين ، إن شاء الله ، ولأنه قال : { سمعوا لها } ولم يقل : سمعوا فيها ، ولا : منها .

وقال : { ثبورا } أي يا للهلكة كما يقول القائل : واهلاكاه ، والله أعلم/376-أ/ .


[14344]:- في م: و.
[14345]:- في الأصل وم: تضايق.
[14346]:- في الأصل وم: يقول.
[14347]:- في الأصل وم: قال.
[14348]:- في الأصل وم: الشهيق يكون.