فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

{ لَهُمْ فِيهَا } أي في الجنة { مَا يَشَاؤُونَ } أي ما يشاءونه من النعم ، وضروب الملاذ كما في قوله ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم . ولعله تقصر همم كل طائفة على ما يليق برتبتها ، لأن الظاهر أن الناقص لا يدرك شيئا مما هو للكامل بالتشهي وفيه تنبيه على أن كل المرادات لا تحصل إلا في الجنة ، قال الشهاب : وإنه تعالى لا يلقي في خواطرهم أن ينالوا رتبة من هو أشرف منهم ، ولا يتلفتوا إلى حال غيرهم { خَالِدِينَ } أي في نعيم الجنة ومن تمام النعيم أن يكون دائما إذ لو انقطع لكان مشوبا بضرب من الغم وقد تقدم تحقيق معنى الخلود .

{ كَانَ } أي ما يشاءونه ، وقيل كان الخلود وقيل الوعد المدلول عليه وبقوله { وعد المتقون } { عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئولًا } أي الوعد الحقيقي بأن يسأل وبطلب كما في قوله { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } ، وقيل إن الملائكة تسأل لهم الجنة كقوله { وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم } وقيل المراد به الوعد الواجب وإن لم يسأل ، وقال ابن عباس : يقول تعالى سلوا الذي وعدتكم تنجزوه .