وقوله : { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً . . . } معطوف على قوله : { أَنْ أَكُونَ مِنَ المؤمنين } .
و { حنيفا } حال من الدين أو من الوجه ، والحنيف : هو المائل عن كل دين من الأديان إلى دين الإِسلام .
وخص الوجه بالذكر ، لأنه أشرف الأعضاء .
والمعنى : أن الله - سبحانه - أمره بالاستقامة في الدين . والثبات عليه ، وعدم التزلزل عنه بحال من الأحوال .
قال الآلوسى : " إقامة الوجه للدين ، كناية عن توجيه النفس بالكلية إلى عبادته - تعالى - ، والإِعراض عما سواه ، فإن من أراد أن ينظر إلى شيء نظر استقصاء ، يقيم وجهه في مقابلته ، بحيث لا يلتفت يمينا ولا شمالا ، إذ لو التفت بطلت المقابلة ، فلذا كنى به عن صرف العمل بالكلية إلى الدين ، فالمراد بالوجه الذات .
أى : " اصرف ذاتك وكليتك للدين . . . " .
وقوله - تعالى - : { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين } تأكيد للأمر بإخلاص العبادة لله - تعالى - وحده . وهو معطوف على { أقم } .
أى : استقم على ما أنت عليه من إخلاص العبادة لله - تعالى - وحده واثبت على ذلك ، ولا تكونن من الذين أشركوا مع الله آلهة أخرى .
( وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين ) . .
وهنا يتحول السياق من الحكاية إلى الأمر المباشر ، كأن الرسول [ ص ] يتلقاه في مشهد حاضر للجميع . وهذا أقوى وأعمق تأثيراً . ( أقم وجهك للدين حنيفاً )متوجهاً إليه خالصاً له ، موقوفاً عليه ( ولا تكونن من المشركين )زيادة في توكيد معنى الاستقامة للدين ، ولمعنى أن يكون من المؤمنين ، عن طريق النهي المباشر عن الشرك بعد الأمر المباشر بالإيمان .
{ وأن أقم وجهك للدين } عطف على { أن أكون } غير { أن } صلة { أن } محكية بصيغة الأمر ، ولا فرق بينهما في الغرض لأن المقصود وصلها بما يتضمن معنى المصدر لتدل معه عليه ، وصيغ الأفعال كلها كذلك سواء الخبر منها والطلب ، ومعنى وأمرت بالاستقامة في الدين والاستبداد فيه بأداء الفرائض ، والانتهاء عن القبائح ، أو في الصلاة باستقبال القبلة . { حنيفا } حال من الدين أو الوجه . { ولا تكوننّ من المشركين } .
المعنى : قيل لي : كن من المؤمنين وأقم وجهك للدين ، ثم جاءت العبارة بهذا الترتيب ، و «الوجه » في هذه الآية بمعنى المنحى والمقصد ، أي اجعل طريقك واعتمالك للدين والشرع ، و { حنيفاً } معناه : مستقيماً على قول من قال ، الحنف الاستقامة ، وجعل تسمية المعوج القدم أحنف على جهة التفاؤل . ومن قال الحنف الميل جعل { حنيفاً } ها هنا مائلاً عن حال الكفرة وطريقهم ، و { حنيفاً } نصب على الحال
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.