والقيد الرابع : قوله : { وأن أقم وجهك للدين حنيفا } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الواو في قوله : { وأن أقم وجهك } حرف عطف وفي المعطوف عليه وجهان : الأول : أن قوله { وأمرت أن أكون } قائم مقام قوله وقيل لي كن من المؤمنين ثم عطف عليه { وأن أقم وجهك } الثاني : أن قوله { وأن أقم وجهك } قائم مقام قوله { وأمرت } بإقامة الوجه ، فصار التقدير وأمرت بأن أكون من المؤمنين وبإقامة الوجه للدين حنيفا .
المسألة الثانية : إقامة الوجه كناية عن توجيه العقل بالكلية إلى طلب الدين ، لأن من يريد أن ينظر إلى شيء نظرا بالاستقصاء ، فإنه يقيم وجهه في مقابلته بحيث لا يصرفه عنه لا بالقليل ولا بالكثير ، لأنه لو صرفه عنه ، ولو بالقليل فقد بطلت تلك المقابلة ، وإذا بطلت تلك المقابلة ، فقد اختل الإبصار ، فلهذا السبب حسن جعل إقامة الوجه للدين كناية عن صرف العقل بالكلية إلى طلب الدين ، وقوله { حنيفا } أي مائلا إليه ميلا كليا معرضا عما سواه إعراضا كليا ، وحاصل هذا الكلام هو الإخلاص التام ، وترك الالتفات إلى غيره ، فقوله أولا { وأمرت أن أكون من المؤمنين } إشارة إلى تحصيل أصل الإيمان ، وقوله { وأن أقم وجهك للدين حنيفا } إشارة إلى الاستغراق في نور الإيمان والإعراض بالكلية عما سواه .
والقيد الخامس : قوله : { ولا تكونن من المشركين } .
واعلم أنه لا يمكن أن يكون هذا نهيا عن عبادة الأوثان ، لأن ذلك صار مذكورا بقوله تعالى في هذه الآية : { فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله } فوجب حمل هذا الكلام على فائدة زائدة وهو أن من عرف مولاه ، فلو التفت بعد ذلك إلى غيره كان ذلك شركا ، وهذا هو الذي تسميه أصحاب القلوب بالشرك الخفي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.