الثاني : أنَّ قوله " وأنْ أقِمْ وجْهَكَ " قائم مقام قوله : " وأمْرِتُ " بإقامة الوجه ، فيصير التقدير : وأمرت بأن أكون من المؤمنين ، وبإقامة الوجه للدِّين حنيفاً .
قوله : " حَنِيفاً " يجُوزُ أن يكون حالاً من " الدِّين " ، وأن يكون حالاً من فاعل " أقِمْ " أو مفعوله .
قال ابنُ عبَّاس - رضي الله عنهما - : معنى قوله : { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً } أي : عملك{[18641]} . وقيل : استقم على الدِّين حنيفاً .
قال ابنُ الخطيبِ{[18642]} : " إقامة الوجه كناية عن توجيه العقل بالكليَّةِ إلى طلبِ الدِّين ؛ لأنَّ من يريدُ أن ينظر إلى شيءٍ نظر استقصاءٍ فإنَّه يُقيم وجههُ في مقابلته بحيثُ لا يصرفه عنه ؛ لأنَّه لو صرفهُ عنه ، ولو بالقليل ، فقد بطلت تلك المقابلة ، وإذا بطلت المقابلةُ اختلَّ الإبصار ؛ فلهذا جعل إقامة الوجه كناية عن صرف العقل بالكليةِ إلى طلبِ الدِّين ، وقوله " حَنِيفاً " أي : مائلاً إليه ميلاً كليّاً ، معرضاً عن كُلِّ ما سواه إعراضاً كلياً " .
ثم قال : { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين } وهذا لا يمكنُ أن يكون نهياً عن عبادة الأوثان ؛ لأنَّ ذلك صار مذكوراً في قوله أول الآية : { فَلاَ أَعْبُدُ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله } [ 104 ] فلا بُدَّ من حمل هذا الكلام على فائدة زائدة ، وهي أن من عرف مولاه فلو التفت بعد ذلك إلى غيره كان ذلك شركاً ، وهذا هو الذي تسميه أصحابُ القلوبِ بالشِّرك الخفيِّ . قاله ابنُ الخطيبِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.