المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

6- ولكم فيها بهجة وسرور ، حين ترونها راجعة من مراعيها ملأى البطون والضروع ، وحين تذهب إلى الحقول والمراعى تُسرع الخطا إلى غذائها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

قوله تعالى : { ولكم فيها جمال } ، زينة ، { حين تريحون } ، أي حين تردونها بالعشي من مراعيها إلى مباركها التي تأوي إليها ، { وحين تسرحون } ، أي : تخرجونها بالغداة من مراحلها إلى مسارحها ، وقدم الرواح لأن المنافع تؤخذ منها بعد الرواح ، ومالكها يكون أعجب بها إذا راحت .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

{ وَ } لكم فيها { مَنَافِعُ } غير ذلك { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } أي : في وقت راحتها وسكونها ووقت حركتها وسرحها ، وذلك أن جمالها لا يعود إليها منه شيء فإنكم أنتم الذين تتجملون بها ، كما تتجملون بثيابكم وأولادكم وأموالكم ، وتعجبون بذلك ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

وقوله - سبحانه - : { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } بيان لنوع آخر من أنواع منافع الحيوان للانسان .

قال أبو حيان فى البحر ؛ والجمال مصدر جمل - بضم الميم - ، يقال رجل جميل وامرأة جميلة وجملاء ، قال الشاعر :

فهى جملاء كبدر طالع . . . بذت الخلق جميعا بالجمال

والجمال يكون فى الصورة بحسن التركيب ، بحيث يدركه البصر فتتعلق به النفس .

ويكون فى الأخلاق ، باشتمالها على الصفات المحمودة ، كالعلم والعفة والحلم .

ويكون فى الأفعال ، بوجودها ملائمة لمصالح الخلق ، وجلب المنفعة لهم وصرف الشر عنهم . . .

وجمال الأنعام من النوع الأول ، ومن جمالها - أيضا - كثرتها ودلالتها على أن صاحبها من أهل السعة واليسار .

وقوله { تريحون } من الإِراحة ، يقال : أراح فلان ماشيته إراحة ، إذا ردها إلى المراح ، وهو منزلها الذى تأوى إليه ، وتبيت فيه .

و { تسرحون } من السروح ، وهو الخروج بها غدوة من حظائرها إلى مسارحها ومراعيها .

يقال : سَرَحْت الماشية أسرحها سرحا وسروحا ، إذا أخرجتها إلى المرعى .

ومفعول الفعلين " تريحون وتسرحون " محذوف للعلم به .

والمعنى : ولكم - أيها الناس - فى هذه الأنعام جمال وزينة ، حين تردونها بالعشى من مسارحها إلى معاطنها التى تأوى إليها ، وحين تخرجونها بالغداة من معاطنها إلى مسارحها ومراعيها .

وخص - سبحانه - هذين الوقتين بالذكر ، لأنهما الوقتان اللذان تتراءى الأنعام فيهما ، وتتجاوب أصواتها ذهابا وجيئة ، ويعظم أصحابها فى أعين الناظرين إليها .

وقدم - سبحانه - الإِراحة على التسريح ، لأن الجمال عند الإراحة أقوى وأبهج ، حيث تقبل من مسارحها وقد امتلأت بطونها ، وحفلت ضروعها ، وازدانت مشيتها .

وقال - سبحانه - : { حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } . بالفعل المضارع ، لإِفادة التجديد والتكرار ، وفى ذلك ما يزيد السرور بها ، ويحمل على شكر الله - تعالى - على وافر نعمه .

قال صاحب الكشاف : " منَّ الله بالتجمل بها ، كما منّ بالانتفاع بها لأنه من أغراض أصحاب المواشى . بل هو من معاظمها ؛ لأن الرعيان إذا روحوها بالعشى ، وسرحوها بالغداة فزينت إراحتها وتسريحها الأفنية وتجاوب فيها الثغاء والرغاء ، آنست أهلها ، وفرحت أربابها . وأجلتهم فى عيون الناظرين إليها ، وأكسبتهم الجاه والحرمة عند الناس .

فإن قلت : لم قدمت الإِراحة على التسريح - مع تأخر الإِراحة فى الوجود ؟ .

قلت : لأن الجمال فى الإِراحة أظهر ، إذا أقبلت ملأى البطون ، حافلة الضروع ، ثم أوت إلى الحظائر حاضرة لأهلها " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

( وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ )

وفيها كذلك جمال عند الإراحة في المساء وعند السرح في الصباح . جمال الاستمتاع بمنظرها فارهة رائعة صحيحة سمينة . وأهل الريف يدركون هذا المعنى بأعماق نفوسهم ومشاعرهم أكثر مما يدركه أهل المدينة .

وفي الخيل والبغال والحمير تلبية للضرورة وفي الركوب . وتلبية لحاسة الجمال في الزينة : ( لتركبوها وزينة ) .

وهذه اللفتة لها قيمتها في بيان نظرة القرآن ونظرة الإسلام للحياة . فالجمال عنصر أصيل في هذه النظرة وليست النعمة هي مجرد تلبية الضرورات من طعام وشراب وركوب ؛ بل تلبية الأشواق الزائدة على الضرورات . تلبية حاسة الجمال ووجدان الفرح والشعور الإنساني المرتفع على ميل الحيوان وحاجة الحيوان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

وهو وقت رجوعها عشيًا من المرعى{[16320]} فإنها تكون أمَدّه{[16321]} خواصر ، وأعظمه ضروعًا ، وأعلاه أسنمة ، { وَحِينَ تَسْرَحُونَ } أي : غُدوة حين تبعثونها إلى المرعى .


[16320]:في ت: "الرعى".
[16321]:في ت، ف: "أعده".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم }

يقول تعالى ذكره : ولكم في هذه الأنعام والمواشي التي خلقها لكم { جمال حين تريحون } يعني : تردونها بالعشي من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تأوي إليها ؛ ولذلك سمي المكان المراح ، لأنها تراح إليه عشيا فتأوي إليه ، يقال منه : أراح فلان ماشيته فهو يريحها إراحة . وقوله : { حين تسرحون } يقول : وفي وقت إخراجكموها غدوة من مراحها إلى مسارحها ، يقال منه : سرح فلان ماشيته يسرحها تسريحا ، إذا أخرجها للرعي غدوة ، وسرحت الماشية : إذا خرجت للمرعى تسرح سرحا وسروحا ، فالسرح بالغداة والإراحة بالعشي ، ومنه قول الشاعر :

كأن بقايا الأتن فوق متونه *** مدب الدبى فوق النقا وهو سارح

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون } وذلك أعجب ما يكون إذا راحت عظاما ضروعها طوالا أسنمتها ، وحين تسرحون إذا سرحت لرعيها .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون } قال : إذا راحت كأعظم ما تكون أسنمة ، وأحسن ما تكون ضروعا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

جملة { ولكم فيها جمال } عطف على جملة { لكم فيها دفء } .

وجملة { ومنها تأكلون } عطف على جملة { لكم فيها دفء } . وهذا امتنان بنعمة تسخيرها للأكل منها والتغذي ، واسترداد القوة لما يحصل من تغذيتها .

وتقديم المجرور في قوله تعالى : { ومنها تأكلون } للاهتمام ، لأنهم شديدو الرغبة في أكل اللحوم ، وللرعاية على الفاصلة . والإتيان بالمضارع في { تأكلون } لأن ذلك من الأعمال المتكررة .

والإراحة : فعل الرواح ، وهو الرجوع إلى المعاطن ، يقال : أراح نعمهُ إذا أعادها بعد السروح .

والسروح : الإسامة ، أي الغدُوّ بها إلى المراعي . يقال : سَرَحها بتخفيف الراء سَرحاً وسُروحاً ، وسرّحها بتشديد الراء تسريحاً .

وتقديم الإراحة على التسريح لأن الجمال عند الإراحة أقوى وأبهج ، لأنها تقبل حينئذٍ مَلأى البطون حافلة الضروع مَرحة بمسرّة الشبع ومحبّة الرجوع إلى منازلها من معاطن ومرابض .

والإتيان بالمضارع في { تريحون } و { تسرحون } لأن ذلك من الأحوال المتكررة . وفي تكررها تكرر النعمة بمناظرها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ولكم فيها}، يعني: في الأنعام، {جمال حين تريحون}، يعني: حين تروح من مراعيها إليكم عند المساء، {وحين تسرحون} من عندكم بكرة إلى الرعي.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ولكم في هذه الأنعام والمواشي التي خلقها لكم {جمال حين تريحون} يعني: تردونها بالعشي من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تأوي إليها؛ ولذلك سمي المكان المراح، لأنها تراح إليه عشيا فتأوي إليه، يقال منه: أراح فلان ماشيته فهو يريحها إراحة.

{وحين تسرحون} يقول: وفي وقت إخراجكموها غدوة من مراحها إلى مسارحها، يقال منه: سرح فلان ماشيته يسرحها تسريحا، إذا أخرجها للرعي غدوة، وسرحت الماشية: إذا خرجت للمرعى تسرح سرحا وسروحا، فالسرح بالغداة والإراحة بالعشي...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ولكم فيها جمال حين تُريحون وحين تَسرحون} فإن قال قائل: أي جمال يكون لنا فيها؟ قيل: الإراحة وحين السَّرح. وقال بعض أهل التأويل: وذلك أنه أعجب ما يكون إذا راحت عظاما ضروعها طوالا أسنمتها...

وقال بعضهم: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} وذلك أنهم كانوا يُسَرُونَ عند الإراحة والتسريح، وذلك السرور يظهر في وجوههم، فإذا ظهر زادهم جمالا وحسنا. وهكذا المعروف في الناس أنهم إذا سروا يظهر ذلك السرور في وجوههم، فيزدادون بذلك جمالا، وإذا حزنوا، وأصابهم غم، يؤثر ذلك الغم نقصانا في خلقهم فيزدادون قبحا وتشويها.

وقال بعضهم: إنهم إذا أراحوها، أو سرحوها، رأى الناس أن أربابها أهل غنى وأهل ثروة، وأنهم لا يحتاجون إلى غيرهم، وأن يكون لغيرهم إليهم حاجة، فيكون لهم بذلك ذكر عند الناس وشرف، وذلك جمالهم وشرفهم، والجمال لهم فيها ظاهر لأن ما يبسط ويفرش، إنما يتخذ منها ومن أصوافها، وكذلك ما يلبس إنما يكون منها، وإنما يبسط، ويفرش، ويلبس للتجمل، والبهاء، والله أعلم.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

...وقد قدم الرواح على السراح وإن كان بعده لتكامل درها ولأن النفس به أسَرُّ.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

منّ اللَّه بالتجمل بها كما منّ بالانتفاع بها، لأنه من أغراض أصحاب المواشي، بل هو من معاظمها؛ لأنّ الرعيان إذا روّحوها بالعشي وسرحوها بالغداة -فزينت بإراحتها وتسريحها الأفنية وتجاوب فيها الثغاء والرغاء- أنست أهلها وفرحت أربابها، وأجلتهم في عيون الناظرين إليها، وكسبتهم الجاه والحرمة عند الناس. ونحوه {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8]، {يُواري سَوآتِكُمْ وَرِيشًا} [الأعراف: 26].

فإن قلت: لم قدّمت الإراحة على التسريح؟ قلت: لأنّ الجمال في الإراحة أظهر، إذا أقبلت ملأى البطون حافلة الضروع، ثم أوت إلى الحظائر حاضرة لأهلها.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

وذلك أن جمالها لا يعود إليها منه شيء فإنكم أنتم الذين تتجملون بها، كما تتجملون بثيابكم وأولادكم وأموالكم، وتعجبون بذلك...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهذه اللفتة لها قيمتها في بيان نظرة القرآن ونظرة الإسلام للحياة. فالجمال عنصر أصيل في هذه النظرة وليست النعمة هي مجرد تلبية الضرورات من طعام وشراب وركوب؛ بل تلبية الأشواق الزائدة على الضرورات. تلبية حاسة الجمال ووجدان الفرح والشعور الإنساني المرتفع على ميل الحيوان وحاجة الحيوان.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

...والإتيان بالمضارع في {تريحون} و {تسرحون} لأن ذلك من الأحوال المتكررة. وفي تكررها تكرر النعمة بمناظرها.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

عبّر القرآن بكلمة «جمال» عن تلك الحركة الجماعية للأنعام حين تسرع إلى مراعيها وتعود إلى مراحها، لما لها من جمال ورونق خاص يغبط الإِنسان، والمعبر عن حقيقة راسخة في عمق المجتمع. فحركة الإِبل إِضافة إلى روعتها فإِنّها تطمئن المجتمع بأنّ ما تحتاجه من مستلزمات حياتك ها هو يسير بين عينيك، فتمتع به وخذ منه ما تحتاجه، ولا داعي لأن ترتبط بهذا أو ذاك فتستضعف، وكأنّها تخاطبه: فأنت مكتف ذاتياً بواسطتي. ف «الجمال» جمال استغناء واكتفاء ذاتي، وجمال إنتاج وتأمين متطلبات أُمّة كاملة، وبعبارة أوضح: جمال الاستقلال الاقتصادي وقطع كل تبعية للغير! والحقيقة التي يدركها القرويون وأبناء الريف أكثر من غيرهم، هي ما تعطيه حركة تلك الأنعام من راحة نفسية للإِنسان، راحة الإِحساس بعدم الحاجة والاستغناء، راحة تأدية إِحدى الوظائف الاجتماعية الهامة.