المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

81- كلوا من هذه الطيبات التي رزقتم بها دون مجهود ، ولا تظلموا ، ولا ترتكبوا معصية الله في هذا العيش الرغيد ، حتى لا ينزل بكم غضبي ، فإن من ينزل عليه غضبي ينحدر إلي أسفل الطبقات من عذاب الله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

قوله تعالى : { كلوا من طيبات ما رزقناكم } قرأ حمزة و الكسائي : أنجيتكم وواعدتكم و رزقتكم بالتاء على التوحيد . وقرأ الآخرون : بالنون والألف على التعظيم ولم يختلفوا في { ونزلنا } لأنه مكتوب بالألف { ولا تطغوا فيه } قال ابن عباس : لا تظلموا . قال الكلبي : لا تكفروا النعمة ، فتكونوا ظالمين طاغين . وقيل : لا تنفقوا في معصيتي . وقيل : لا تتقوا بنعمتي على معاصي ، وقيل :لا تدخروا ، فادخروا فتدود ، { فيحل } قرأ الأعمش والكسائي : ( فيحل ) بضم الحاء ( ومن يحلل ) بضم اللام ، يعني : ينزل ، وقرأ الآخرون : بكسرها يعني : يجب { عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى } هلك وتردى في النار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

{ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : واشكروه على ما أسدى إليكم من النعم { وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ } أي : في رزقه ، فتستعملونه في معاصيه ، وتبطرون النعمة ، فإنكم إن فعلتم ذلك ، حل عليكم غضبي أي : غضبت عليكم ، ثم عذبتكم ، { وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى } أي : ردى وهلك ، وخاب وخسر ، لأنه عدم الرضا والإحسان ، وحل عليه الغضب والخسران .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

والأمر فى قوله - سبحانه - { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } للإباحة ، والجملة مقول لقول محذوف . أى : وقلنا لهم كلوا من طيبات ما رزقناكم من المن والسلوى ، ومن غيرهما من اللذائذ التى أحلها الله لكم .

وقوله - تعالى - : { وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هوى } تحذير لهم من تجاوز الحدود التى شرعها الله - تعالى - لهم ، إذ الطغيان مجاوزة الحد فى كل شىء .

والضمير فى قوله { فِيهِ } يعود إلى الموصول الذى هو { مَا } فى قوله : { مَا رَزَقْنَاكُمْ } ويحل - بكسر الحاء - بمعنى يجب . يقال : حل أمر الله على فلان يحل حلالا بمعنى وجب .

وقرأ الكسائى { فَيَحُلَّ } بضم الحاء بمعنى ينزل يقال : حل فلان بالمكان يحل - بالضم حلولا ، إذا نزل به .

والمعنى : كلوا يا بنى إسرائيل من الطيبات التى رزقكم الله إياها واشكروه عليها ، ولا تتجاوزوا فيما رزقناكم الحدود التى شرعناها لكم ، فإنكم إذا فعلتم ذلك حق عليكم غضبى ، ونزل بكم عقابى ، ومن حق عليه غضبى ونزل به عقابى { فَقَدْ هوى } أى : إلى النار .

وأصله السقوط من مكان مرتفع كجبل ونحوه . يقال : هوى فلان - بفتح الواو - يهوى - بكسرها - إذا سقط إلى أسفل ، ثم استعمل فى الهلاك للزومه له .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

وهو يذكرهم بهذه النعم ليأكلوا من الطيبات التي يسرها لهم ويحذرهم من الطغيان فيها . بالبطنة والانصراف إلى لذائذ البطون والغفلة عن الواجب الذي هم خارجون له ، والتكليف الذي يعدهم ربهم لتلقيه . ويسميه طغيانا وهم قريبو العهد بالطغيان ، ذاقوا منه ما ذاقوا ، ورأوا من نهايته ما رأوا . ( ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي . ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) . . ولقد هوى فرعون منذ قليل . هوى عن عرشه وهوى في الماء . . والهوى إلى أسفل يقابل الطغيان والتعالي . والتعبير ينسق هذه المقابلات في اللفظ والظل على طريقة التناسق القرآنية الملحوظة .

هذا هو التحذير والإنذار للقوم المقدمين على المهمة التي من أجلها خرجوا ؛ كي لا تبطرهم النعمة ، ولا يترفوا فيها فيسترخوا . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

أي : كلوا من هذا [ الرزق ]{[19455]} الذي رزقتكم ، ولا تطغوا في رزقي ، فتأخذوه من غير حاجة ، وتخالفوا ما آمركم به ، { فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } أي : أغضب عليكم { وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي : فقد شقي .

وقال شُفَيّ بن ماتع : إن في جهنم قصرًا يُرمى الكافر من أعلاه ، فيهوي في جهنم أربعين خريفًا قبل أن يبلغ الصلصال ، وذلك قوله : { وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى } رواه ابن أبي حاتم .


[19455]:زيادة من ف، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

وقوله : " كُلُوا مِنْ طَيّباتِ ما رَزَقْناكُمْ " يقول تعالى ذكره لهم : كلوا يا بني إسرائيل من شهيات رزقنا الذي رزقناكم ، وحلاله الذي طيبناه لكم وَلا تَطْغَوْا فِيهِ يقول : ولا تعتدوا فيه ، ولا يظلم فيه بعضكم بعضا ، كما :

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس قول : " وَلا تَطْغَوْا فِيهِ " يقول : ولا تظلموا .

وقوله : " فَيَحِلّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي " يقول : فينزل عليكم عقوبتي ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد عن قتادة ، قوله : " فَيَحلّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي " يقول : فينزل عليكم غضبي .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والمدينة والبصرة والكوفة " فَيَحِلّ عَلَيْكُمْ " بكسر الحاء وَمَنْ يَحْلِلْ بكسر اللام . ووجهوا معناه إلى : فيجب عليكم غضبي . وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة : «فَيَحُلّ عَلَيْكُمْ » بضم الحاء ، ووجهوا تأويله إلى ما ذكرنا عن قَتادة من أنه : فيقع وينزل عليكم غضبي .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء ، وقد حذّر الله الذين قيل لهم هذا القول من بني إسرائيل وقوع بأسه بهم ونزوله بمعصيتهم إياه إن هم عصوه ، وخوّفهم وجوبه لهم ، فسواء قرىء ذلك بالوقوع أو بالوجوب ، لأنهم كانوا قد خوّفوا المعنيين كليهما .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

{ كلوا من طيبات ما رزقناكم } لذائذه أو حلالاته ، وقرأ حمزة والكسائي " أنجيتكم " " وواعدتكم " و " ما رزقتكم " على التاء وقرئ " ووعدتكم " " ووعدناكم " ، والأيمن بالجر على الجوار مثل : حجر ضب خرب . { ولا تطغوا فيه } فيما رزقناكم بالإخلال بشكره والتعدي لما حد الله لكم فيه كالسرف والبطر والمنع عن المستحق . { فيحل عليكم غضبي } فيلزمكم عذابي ويجب لكم من حل الدين إذا وجب أداؤه . { ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى } فقد تردى وهلك . وقيل وقع في الهاوية ، وقرأ الكسائي " يحل " و { ويحلل } بالضم من حل يحل إذا نزل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

ويكون قوله تعالى : { كلوا } بتقدير قيل لهم كلوا ، وتكون الآية على هذا اعتراضاً في أثناء قصة موسى المقصد به توبيخ هؤلاء الحضور إذ لم يصبر سلفهم على أداء شكر نعم الله تعالى ، والمعنى الأول أظهر وأبين . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر «نجينا وواعدنا ونزلنا ورزقناكم » إلا أن أبا عمرو قرأ «وعدناكم » بغير ألف في كل القرآن{[8139]} ، وقرأ حمزة والكسائي «أنجيت وواعدت ونزلنا ورزقتكم » . وقوله { وواعدناكم } قيل هي لغة في وعد لا تقتضي فعل اثنين ع وإن حملت على المعهود فلأن التلقي والعزم على ذلك كالمواعدة ، وقصص هذه الآية أن الله تعالى لما أنجى بني إسرائيل وغرق فرعون وعد بني إسرائيل وموسى أن يصيروا إلى جانب طور سيناء ليكلم فيه موسى ويناجيه بما فيه صلاحهم بأوامرهم ونواهيهم ، فلما أخذوا في السير تعجل موسى عليه السلام للقاء ربه حسبما يأتي ذكره ، وقالت فرقة هذا { الطور } هو الذي كلم فيه موسى أولاً حيث رأى النار وكان في طريقه من الشام إلى مصر ، وقالت فرقة ليس به و { الطور } الجبل الذي لا شعرا فيه{[8140]} وقوله { الأيمن } إما أن يريد اليمن وإما أن يريد اليمين بالإضافة إلى ذي يمين إنسان أو غيره . و { المن والسلوى } طعامهم ، وقد مضى في البقرة استيعاب تفسيرهما ، وقوله تعالى : { من طيبات } يريد الحلال الملك ، لأن المعنى في هذا الموضع قد جمعهما واختلف الناس ما القصد الأول بلفظة الطيب في القرآن ، فقال مالك رحمه الله الحلال ، وقال الشافعي ما يطيب للنفوس ، وساق إلى هذا الخلاف تفقههم في الخشاش{[8141]} والمستقذر من الحيوان . و { تطغوا } معناه تتعدون الحد وتتعسفون كالذي فعلوا ع . وقرأ جمهور الناس «فيحِل » بكسر الحاء «ومن يحلِل » بكسر اللام ، وقرأ الكسائي وحده{[8142]} «فيحُل » بضم الحاء «ومن يحلُل » بضم اللام فمعنى الأول فيجب ومعنى الثاني فيقع وينزل ، و { هوى } معناه سقط من علو إلى أسفل ومنه قول خنافر :

فهوى هوي العقاب . . . {[8143]} قال القاضي أبو محمد : وإن لم يكن سقوطاً فهو شبيه بالساقط والسقوط حقيقة قول الآخر : [ الوافر ]

هويّ الدلْو أسلمه الرشاء{[8144]} . . . ويشبه الذي وقع في طامة أو ورطة بعد أن كان بنجوة منها بالساقط فالآية من هذا أي «هوي » في جهنم وفي سخط الله ، وقيل أخذ الفعل من لفظ الهاوية وهو قعر جهنم .


[8139]:اختار أبو عبيد هذه القراءة، لأن الوعد إنما هو من الله تعالى لموسى خاصة، و "المواعدة" لا تكون إلا من اثنين، وابن عطية يرد على هذا حين ينقل عن بعضهم أن (واعد) لغة في (وعد)، وحين يقول: إن التلقي والعزم على العهد يقوم مقام المواعدة.
[8140]:الشعراء: الأرض أو الروضة الكثيرة الشجر. (المعجم الوسيط).
[8141]:الخشاش: حشرات الأرض، وفي الحديث الشريف: (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض).
[8142]:لعله يريد: من السبعة، فقد ذكرت كتب التفسير أنها أيضا قراءة قتادة، وأبي حيوة، والأعمش، وطلحة.
[8143]:قال الصاغاني: خنافر مثل علابط اسم رجل كاهن، هو خنافر بن التوأم الحميري، وفي اللسان "هوى بالفتح يهوي هويا وهويا: سقط من فوق إلى أسفل، وهوت العقاب تهوي هويا إذا انقضت على صيد أو غيره ما لم ترغه، فإذا أراغته قيل: أهوت له إهواء، قال زهير: أهوى لها أسفع الحدين مطرق ريش القوادم لم ينصب له الشبك والإراغة أن يذهب الصيد هكذا وهكذا والعقاب تتبعه". والشاهد أن الهوي والهوي هو السقوط من أعلى إلى أسفل.
[8144]:هذا عجز بيت، ذكره صاحب اللسان في (هوى) شاهدا على أن الهوي بفتح الهاء إلى أسفل، وبضمها إلى فوق، يقال: هوى هويا بالفتح إذا هبط، وهوى هويا بالضم إذا صعد، ثم استشهد به مرة أخرى على أن الهوي بالضم هو العدو السريع، يقال: هوت الناقة هويا إذا عدت عدوا شديدا أرفع العدو، والبيت بتمامه: فشد بها الأماعز وهي تهوي هوي الدلو أرسله الرشاء ويروى: أسلمها الرشاء، وهي رواية اللسان، والرشاء: حبل الدلو الذي يحمله إلى أسفل وإلى أعلى. والدلو تذكر وتؤنث، والتأنيث أعلى وأكثر، هذا ولم ينسب صاحب اللسان البيت لأحد.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

جملة { كُلُوا } مقولٌ محذوف . تقديره : وقلنا أو قائلين . وتقدم نظيره في سورة البقرة .

وقرأ الجمهور { ما رزقناكم } بنون العظمة . وقرأه حمزة ، والكسائي ، وخلف ما رزقتكم بتاء المفرد .

والطغيان : أشدّ الكِبر .

ومعنى النهي عن الطغيان في الرزق : النهي عن ترك الشكر عليه وقلّة الاكتراث بعبادة المُنعِم .

وحرف ( في ) الظرفيّة استعارةٌ تبعية ؛ شبه ملابسة الطغيان للنّعمة بحلول الطغيان فيها تشبيهاً للنعمة الكثيرة بالوعاء المحيط بالمنعَم عليه على طريقة المكنية ، وحرف الظرفية قرينتها .

والحلول : النزول والإقامة بالمكان ؛ شبهت إصابة آثار الغضب إياهم بحلول الجيش ونحوه بديار قوم .

وقرأ الجمهور فيحِلّ عليكم بكسر الحاء وقرأوا ومن يحلِل عليه غضبي بكسر اللاّم الأولى على أنهما فعلا حَلّ الدّيْن يقال : حلّ الديْن إذا آن أجل أدائه . وقرأه الكسائي بالضمّ في الفعلين على أنّه من حلّ بالمكان يحُلّ إذا نزل به . كذا في « الكشاف » ولم يتعقبوه .

وهذا مما أهمله ابن مالك في « لامية الأفعال » ، ولم يستدركه شارحها بَحْرَق اليمني في « الشرح الكبير » . ووقع في « المصباح » ما يخالفه ولا يعوّل عليه . وظاهر « القاموس » أن حلّ بمعنى نزل يستعمل قاصراً ومتعدياً ، ولم أقف لهم على شاهد في ذلك .

وهوَى : سقط من علوّ ، وقد استعير هنا للهلاك الذي لا نهوض بعده ، كما قالوا : هوت أمّه ، دعاء عليه ، وكما يقال : ويل أمّه ، ومنه : { فأمه هاوية } [ القارعة : 9 ] ، فأريد هويّ مخصوص ، وهو الهوي من جبل أو سطح بقرينة التهديد .