الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

وإنما عدّى المواعدة إليهم لأنها لابستهم واتصلت بهم حيث كانت لنبيهم ونقبائهم ، وإليهم رجعت منافعها التي قام بها دينهم وشرعهم ، وفيما أفاض عليهم من سائر نعمه وأرزاقه [ ولا تطغوا فيه ] طغيانهم في النعمة : أن يتعدّوا حدود الله فيها بأن يكفروها ويشغلهم اللهو والتنعم عن القيام بشكرها ، وأن ينفقوها في المعاصي : وأن يزووا حقوق الفقراء فيها ، وأن يسرفوا في إنفاقها وأن يبطروا فيها ويأشروا ويتكبروا . قرىء { فَيَحِلَّ } وعن عبد الله «لا يحلن » { وَمَن يَحْلِلْ } المكسور في معنى الوجوب ، من حل الدّين يحل إذا وجب أداؤه . ومنه قوله تعالى : { حتى يَبْلُغَ الهدى مَحِلَّهُ } [ البقرة : 196 ] والمضموم في معنى النزول . وغضب الله : عقوباته ولذلك وصف بالنزول { هوى } هلك . وأصله أن يسقط من جبل فيهلك .

قالت :

هَوَى مِنْ رَأْسِ مَرْقَبَةٍ *** فَفُتِّتَ تَحْتَهَا كَبِدُهْ

ويقولون : هوت أمّه . أو سقط سقوطاً لا نهوض بعده .