اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

{ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أمر إباحة .

ثم زجرهم عن العصيان فقال : { وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ }{[26019]} قال ابن عباس : لا يظلم بعضُكُم بعضاً فيأخذه مِنْ صَاحِبه{[26020]} . وقال مقاتل والضحاك : لا تظلموا فيه أنفسَكُم بأن تُجَاوِزُوا حدّ الإباحَة وقال الكلبي : لا تكفروا النعمة أي لا تستعينوا بنعمتي{[26021]} على مخالفتي ولا تُعْرِضوا عن الشكر ، ولا تعدِلوا عن الحلال إلى الحرام والمراد بالطَّيِّبات هاهنا{[26022]} اللذائذ ، لأن المن والسَّلوى من لذائذ الأطعمة . وقال الكَلْبي ومقاتل : الطَّيِّبات الحلال ، وذلك لأن الله تعالى أنزله إليهم ، ولم يمسه يدي الآدميين{[26023]} . روي أنهم كانوا يُصبِحون{[26024]} فيجدونه بين{[26025]} بيوتهم فيأخذون منه{[26026]} قدر حاجتهم في ذلك اليوم إلى الغد ، ومن ادخر لأكثر{[26027]} من ذلك فسد ، ومن أخذ منه قليلاً كفاه ، أو كثيراً لم يفضل عنه ، فيصنعون منه مثل الخبز وهو{[26028]} في غاية البياض والحلاوة ، فإن كان آخر النهار غشيهم طيْرُ السَّلوى فينقصون منها بلا كلفة ما يكفيهم لعشائهم ، وإذا كان الصيف ظلَّل عليهم الغمام يقيهم حر الشمس . ثم قال : { فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } أي يجب عليكم غضبي{[26029]} { وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هوى } أي هَلك وقيل : شَقِي . وقيل : وقع في الهاوية : هوى يهوي هوياً إذا سقط{[26030]} من علو إلى سُفْلٍ{[26031]} .


[26019]:انظر الفخر الرازي 22/95.
[26020]:في الأصل: ذكر. وهو تحريف.
[26021]:في الأصل: نعمتي.
[26022]:في ب: هنا.
[26023]:انظر الفخر الرازي 22/69.
[26024]:في ب: وروي أنهم كانوا يفتتحون.
[26025]:في ب: في بين. وهو تحريف.
[26026]:منه: سقط من ب.
[26027]:في ب: ومن ادخر منه أكثر.
[26028]:في ب: وهي. وهو تحريف.
[26029]:غضبي: سقط من ب.
[26030]:في ب: إذا سقط به.
[26031]:انظر الفخر الرازي 22/96، اللسان (هوى).