لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

الطيبُ ما كان حلالاً . ويقال الطيب من الرزق ما لا يَعْصِي اللَّهَ مُكْتَسِبهُ . ويقال الطيب من الرزق ما يكون على مشاهدة الرزاق . ويقال الطيب من الرزق ما حَصَل منه الشكرُ . ويقال الطيب من الرزق ما يأخذه العبدُ من اللَّهِ ، فما لأهل الجنةِ مُؤَجَّلٌ في عقباهم جهراً ، معجّلٌ لأصفيائه في دنياهم سِرّاً ، قال تعالى : { ءَاخِذِينَ مَآ ءَاتَاهُمْ رَبُّهُمْ } [ الذاريات :16 ] .

والأرزاقُ مختلفةٌ ؛ فلأقوام حظوظُ النفوس ولآخرين حقوقُ القلوب ، ولأقوام شهودُ الأسرار ؛ فرزق النفوس التوفيق ، ورزق القلوب التصديق ، ورزق الأرواح التحقيق .

قوله : { وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ } : بمجاوزة الحلالِ إلى الحرام .

ويقال : { وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ } : بالزيادة على الكفاف وما لا بُدَّ منه مما زاد على سدِّ الرمق .

ويقال : { وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ } : بالأكل على الغفلة والنسيان .

قوله جلّ ذكره : { فَيَحِلَّ عَلْيْكُمْ غَضَبِى وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى } .

فيحل عليكم غضبي بالخذلان لمتابعة الزَّلَّة بعد الزَّلَّة .

ويقال فيحل عليكم غضي لِفَقْدِكم التأسُّفَ على ما فاتكم .

ويقال بالرضا بما أنتم فيه من نقصان الحال .