فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ} (81)

{ كلوا } أي قلنا لهم : كلوا { من طيبات ما رزقناكم } أي المنعم به عليكم المراد بالطيبات المستلذات ، وقيل الحلال ، على الخلاف المشهور في ذلك { ولا تطغوا فيه } الطغيان التجاوز أي لا تتجاوزوا ما هو جائز إلى ما لا يجوز كالسرف والبطر والمنع عن المستحق .

وقيل : المعنى لا تجحدوا نبي الله فتكونوا طاغين ، وقيل : لا تكفروا نعمة الله ولا تنسوا شكرها ، وقيل : لا تعصوا المنعم أي لا تحملنكم السعة والعافية على المعصية ولا مانع من حمل الطغيان على جميع هذه المعاني ، فإن كل واحد منها يصدق عليه أنه طغيان .

{ فيحل } بكسر الحاء أي يجب { عليكم غضبي } أي يلزمكم وبضمها بمعنى ينزل بكم وهو مأخوذ من حلول الدين أي حضور وقت أدائه { ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى } قرئ بكسر اللام الأولى وبضمها وهما لغتان .

قال الفراء : الكسر أحب إليّ من الضم لأن الضم من الحلول بمعنى الوقوع ويحل بالكسر يجب وجاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع وذكر نحو هذا أبو عبيدة وغيره ، وهوى بمعنى هلك ، قال الزجاج : فقد هوى أي صار إلى الهاوية وهي قعر النار من هوى يهوي هويا : أي سقط من علو إلى أسفل وهوى فلان أي مات ، وقال ابن عباس : هوى أي شقي .