المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

40- لا الشمس يتأتى لها أن تخرج على نواميسها فتلحق القمر وتدخل في مداره ، ولا الليل يتأتى له أن يغلب النهار ويحول دون مجيئه ، بل هما متعاقبان . وكل من الشمس والقمر وغيرهما يسبح في فلك لا يخرج عنه{[192]} .


[192]:إن هذه الآيات الكريمة تبين معاني وحقائق علمية لم يتعرف عليها العلماء إلا في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي. والشمس هي إحدى نجوم السماء، وهي كسائر النجوم ولها حركتها الذاتية، ولكنها تتميز عن النجوم الأخرى لقربها من الأرض وبأن لها مجموعة من الكواكب والأقمار والمذنبات والكويكبات تتبعها دائما وتخضع لقوى جاذبيتها حيث تجعلها من حولها في مدارات متتابعة بيضاوية الشكل. وجميع أفراد هذه المجموعة تنتقل مع الشمس خلال حركتها الذاتية. والخلاصة أن الشمس والأرض والقمر وسائر الكواكب والأجرام تجري في الفضاء بسرعة محدودة وفي اتجاه محدود ويلاحظ أن الشمس ومجموعتها والنجوم القريبة منها تقع في داخل سديم عظيم ممتد في السماء يسمى بسديم المجرة، وقد تبين من الدراسات الحديثة أن سائر أجزاء السديم تدور حول المركز بسرعة تتناسب وعكس بعدها على المركز. كما اتضح أيضا أن الشمس والأرض وكواكبها والنجوم القريبة منها تدور بسرعة. وفي اتجاه محدود، تبلغ هذه السرعة حوالي 700 كيلو متر في الثانية، وتتم دورتها حول المركز في مدى حوالي 200 مليون سنة ضوئية. وصفوة القول أن الآية الكريمة التي تنص على أن الشمس تجري لمستقر لها لم يتعرف على معانيها العلماء إلا في أوائل هذا القرن ولا يمكن أن تدرك الشمس القمر، لأن كلا منهما يجري في أفلاك متوازنة فيستحيل أن يتقابلا كما يستحيل أن يسبق الليل النهار حيث يتطلب ذلك أن تدور الأرض حول محورها من الشرق إلى الغرب بدلا من اتجاهها الحالي مع الغرب نحو الشرق. والقمر خلال دورته حول الأرض ودورة الأرض حول الشمس يمر بمجموعات من النجوم تسمى بمنازل القمر. وفي الربع الأول والأخير من الشهر يظهر القمر شكله كالعرجون القديم. أي يصير كالسباطة إذا قدمت ويبست واعوجت.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

قوله تعالى : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } أي : لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه ، ولا يدخل الليل على النهار قبل انقضائه ، وهو قوله تعالى : { ولا الليل سابق النهار } أي : هما يتعاقبان بحساب معلوم لا يجيء أحدهما قبل وقته . وقيل : لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر ، لا تطلع الشمس بالليل ولا يطلع القمر بالنهار وله ضوء ، فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد منهما صاحبه قامت القيامة . وقيل : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } أي : تجتمع معه في فلك واحد ، ( ( ولا الليل سابق النهار ) ) أي : لا يتصل ليل بليل لا يكون بينهما فاصل . { وكل في فلك يسبحون } يجرون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

{ وَكُلٌّ } من الشمس والقمر ، والليل والنهار ، قدره [ اللّه ] تقديرا لا يتعداه ، وكل له سلطان ووقت ، إذا وجد عدم الآخر ، ولهذا قال : { لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ } أي : في سلطانه الذي هو الليل ، فلا يمكن أن توجد الشمس في الليل ، { وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ } فيدخل عليه قبل انقضاء سلطانه ، { وَكُلٌّ } من الشمس والقمر والنجوم { فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } أي : يترددون على الدوام ، فكل هذا دليل ظاهر ، وبرهان باهر ، على عظمة الخالق ، وعظمة أوصافه ، خصوصا وصف القدرة والحكمة والعلم في هذا الموضع .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

وقوله - تعالى - : { لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلاَ الليل سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } بيان لدقة نظامه - سبحانه - فى كونه ، وأن هذا الكون الهائل يسير بترتيب فى أسمى درجات الدقة ، وحسن التنظيم .

أى : لا يصح ولا يتأتى للشمس أن تدرك القمر فى مسيره فتجتمع معه بالليل .

وكذلك لا يصح ولا يتأتى لليل أن يسبق النهار ، بأنه يزاحمه فى محله أو وقته ، وإنما كل واحد من الشمس والقمر ، والليل والنهار ، يسير ، فى هذا الكون بنظام بديع قدره الله - تعالى - له ، بحيث لا يسبق غيره ، أو يزاحمه فى سيره .

قال الإِمام ابن كثير : قوله - تعالى - : { لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر } قال مجاهد : لكل منهما حد لا يعدوه ، ولا يقَصُر دونه ، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا ، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا . .

وقال عكرمة : يعنى أن لكل منهما سلطانا فلا ينبغى للشمس أن تطلع بالليل .

وقوله : { وَلاَ الليل سَابِقُ النهار } يقول : لا ينبغى إذا كان الليل أن يكون ليل آخر ، حتى يكون النهار . .

وقوله - تعالى - : { وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } التنوين فى " كل " عوض عن المضاف إليه . .

قال الآلوسى : والفلك : مجرى الكواكب ، سمى بذلك لاستدارته ، كفلكة المغزل ، وهى الخشبة المستديرة فى وسطه ، وفلكه الخيمة ، وهى الخشبة المستديرة التى توضع على رأس العمود لئلا تتمزق الخيمة .

أى : وكل من الشمس والقمر ، والليل والنهار ، فى أدزاء هذا الكون يسيرون بانبساط وسهولة ، لأن قدرة الله - تعالى - تمنعهم من التصادم أو التزاحم أو الاضطراب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

30

وأخيراً يقرر دقة النظام الكوني الذي يحكم هذه الأجرام الهائلة ، ويرتب الظواهر الناشئة عن نظامها الموحد الدقيق :

( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ، ولا الليل سابق النهار ، وكل في فلك يسبحون ) . .

ولكل نجم أو كوكب فلك ، أو مدار ، لا يتجاوزه في جريانه أو دورانه . والمسافات بين النجوم والكواكب مسافات هائلة . فالمسافة بين أرضنا هذه وبين الشمس تقدر بنحو ثلاثة وتسعين مليوناً من الأميال . والقمر يبعد عن الأرض بنحو أربعين ومائتي ألف من الأميال . . وهذه المسافات على بعدها ليست شيئاً يذكر حين تقاس إلى بعد ما بين مجموعتنا الشمسية وأقرب نجم من نجوم السماء الأخرى إلينا . وهو يقدر بنحو أربع سنوات ضوئية . وسرعة الضوء تقدر بستة وثمانين ومائة ألف من الأميال في الثانية الواحدة ! [ أي إن أقرب نجم إلينا يبعد عنا بنحو مائة وأربعة مليون مليون ميل ! ] .

وقد قدر الله خالق هذا الكون الهائل أن تقوم هذه المسافات الهائلة بين مدارات النجوم والكواكب . ووضع تصميم الكون على هذا النحو ليحفظه بمعرفته من التصادم والتصدع - حتى يأتي الأجل المعلوم - فالشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر . والليل لا يسبق النهار ، ولا يزحمه في طريقه ، لأن الدورة التي تجيء بالليل والنهار لا تختل أبداً فلا يسبق أحدهما الآخر أو يزحمه في الجريان !

( وكل في فلك يسبحون ) . .

وحركة هذه الأجرام في الفضاء الهائل أشبه بحركة السفين في الخضم الفسيح . فهي مع ضخامتها لا تزيد على أن تكون نقطاً سابحة في ذلك الفضاء المرهوب .

وإن الإنسان ليتضاءل ويتضاءل ، وهو ينظر إلى هذه الملايين التي لا تحصى من النجوم الدوارة ، والكواكب السيارة . متناثرة في ذلك الفضاء ، سابحة في ذلك الخضم ، والفضاء من حولها فسيح فسيح وأحجامها الضخمة تائهة في ذلك الفضاء الفسيح ! ! !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

وقوله : { لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ } : قال مجاهد : لكل منهما حد لا يعدوه ولا يقصر دونه ، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا ، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا مَعْمَر ، عن الحسن في قوله : { لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ } قال : ذلك ليلة الهلال .

وروى ابن أبي حاتم هاهنا عن عبد الله بن المبارك أنه قال : إن للريح جناحًا ، وإن القمر يأوي إلى غلاف من الماء .

وقال الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي{[24754]} صالح : لا يدرك هذا ضوء هذا ، ولا هذا ضوء هذا . {[24755]}

وقال عكرمة في قوله{[24756]} { لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ } : يعني : أن لكل منهما سلطانا ، فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل .

وقوله : { وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ } : يقول : لا ينبغي إذا كان الليلُ أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار ، فسلطان الشمس بالنهار ، وسلطان القمر بالليل .

وقال الضحاك : لا يذهب الليل من هاهنا حتى يجيء النهار من هاهنا . وأومأ بيده إلى المشرق .

وقال مجاهد : { وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ } يطلبان حثيثين ، ينسلخ أحدهما من الآخر .

والمعنى في هذا : أنه لا فترة بين الليل والنهار ، بل كل منهما يعقب الآخر بلا مهلة ولا تراخ ؛ لأنهما مسخران دائبين يتطالبان طلبا حثِيثًا .

وقوله : { وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } يعني : الليل والنهار ، والشمس والقمر ، كلهم يسبحون ، أي : يدورون في فلك السماء . قاله ابن عباس ، وعِكْرِمة ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وعطاء الخراساني . {[24757]}

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : في فلك بين السماء والأرض . رواه ابن أبي حاتم ، وهو غريب جدًّا ، بل منكر .

قال ابن عباس وغير واحد من السلف : في فَلْكَةٍ كفَلْكَة المغْزَل .

وقال مجاهد : الفَلَك كحديد الرَّحَى ، أو كفلكة المغزل ، لا يدور المغزل إلا بها ، ولا تدور إلا به .


[24754]:- في ت، س : "أبو".
[24755]:- في س : "لا يدرك هذا ضر هذا ولا هذا ضر هذا".
[24756]:- زيادة من أ.
[24757]:- في ت : "قاله ابن عباس وغيره".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

وقوله : لا الشّمْسُ يَنْبَغِي لَها أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ يقول تعالى ذكره : لا الشمس يصلح لها إدراك القمر ، فيذهب ضوؤها بضوئه ، فتكون الأوقات كلها نهارا لا ليل فيها وَلا اللّيْلُ سابِقُ النّهارِ يقول تعالى ذكره : ولا الليل بفائت النهار حتى تذهب ظلمته بضيائه ، فتكون الأوقات كلها ليلاً .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في ألفاظهم في تأويل ذلك ، إلا أن معاني عامتهم الذي قلناه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بَزّة ، عن مجاهد في قوله : لا الشّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ قال : لا يشبه ضَوءُها ضوء الاَخر ، لا ينبغي لها ذلك .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : لا الشّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ قال : لا يُشبه ضوء أحدهما ضوء الاَخر ، ولا ينبغي ذلك لهما . وفي قوله : وَلا اللّيْلُ سابِقُ النّهار قال : يتطالبان حَثيثين ينسلخ أحدهما من الاَخر .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا الأشجعيّ ، عن سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح : لا الشّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلا اللّيْلُ سابِقُ النّهارِ قال : لا يدرك هذا ضوءَ هذا ولا هذا ضوء هذا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : لا الشّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وهذا في ضوء القمر وضوء الشمس ، إذا طلعت الشمس لم يكن للقمر ضوء ، وإذا طلع القمر بضوئه لم يكن للشمس ضوء ولاَ اللّيْلُ سابِقُ النّهارِ قال : في قضاء الله وعلمه أن لا يفوت الليل النهار حتى يدركه ، فيذهب ظلمته ، وفي قضاء الله أن لا يفوت النهار الليل حتى يدركه ، فيذهب بضوئه .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لا الشّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلا اللّيْلُ سابِقُ النّهارِ ولكلَ حدّ وعلم لا يعدوه ، ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ، ذهب سلطان هذا ، وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا . ورُوي عن ابن عباس في ذلك ما :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لا الشّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلا اللّيْلُ سابِقُ النّهارِ يقول : إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الاَخر ، فإذا غابا غاب أحدهما بين يدي الاَخر .

وأن من قوله : أنْ تُدْرِكَ في موضع رفع بقوله : ينبغي . وقوله : وكُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يقول : وكلّ ما ذكرنا من الشمس والقمر والليل والنهار في فلك يَجْرُون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي ، قال : حدثنا شعبة ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس وكُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال : في فلك كفلك المِغْزَل .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قال : مجرى كلّ واحد منهما ، يعني الليل والنهار ، في فَلَك يسبحون : يجرون .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وكُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ : أي في فلك السماء يسبحون .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وكُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ دورانا ، يقول : دورانا يسبحون يقول : يجرون .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وكُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يعني : كلّ في فلك في السموات .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

{ لا الشمس ينبغي لها } يصح لها ويتسهل . { أن تدرك القمر } في سرعة سيره فإن ذلك يخل بتكون النبات وتعيش الحيوان ، أو في آثاره ومنافعه أو مكانه بالنزول إلى محله ، أو سلطانه فتطمس نوره ، وإيلاء حرف النفي { الشمس } للدلالة على إنها مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها . { ولا الليل سابق النهار } يسبقه فيفوته ولكن يعاقبه ، وقيل المراد بهما آيتاهما وهما النيران ، وبالسبق سبق القمر إلى سلطان الشمس فيكون عكسا للأول وتبديل الإدراك بالسبق لأنه الملائم لسرعة سيره . { وكل } وكلهم والتنوين عوض عن المضاف إليه ، والضمير للشموس والأقمار فإن اختلاف الأحوال يوجب تعددا ما في الذات ، أو للكواكب فإن ذكرهما مشعر بهما ، { في فلك يسبحون } يسيرون فيه بانبساط .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

و { ينبغي } هنا مستعملة فيما لا يمكن خلافه ؛ لأنها لا قدرة لها على غير ذلك ، وقرأ الجمهور :{ سابقُ النهارِ } بالإضافة ، وقرأ عبادة :

{ سابقُ النهار } دون تنوين في القاف ، وبنصب { النهارَ } ذكره الزهراوي وقال : حذف التنوين تخفيفاً ، و { الفلك } فيما روي عن ابن عباس متحرك مستدير كفلكة المغزل من الكواكب ، و { يسبحون } معناه :يجرون ويعومون ، قال مكي : لما أسند إليها فعل من يعقل جمعت الواو والنون .