غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

1

ثم بين أن لكل واحد من النيرين حركة مقدرة وسلطاناً على حياله { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } لتباطؤ سيرها عن سيره { ولا الليل } أي ولا تسبق آية الليل - وهو القمر- آية النهار - وهي الشمس - أي لا يداخل القمر الشمس في سلطانها . وقيل : أراد أن الليل لا يدخل في وقت النهار . وقيل : إنه إشارة إلى الحركة اليومية التي بها يحدث الليل والنهار . والمراد أن القمر لا يسبق الشمس بهذه الحركة لأنها تشملهما على السواء ، وهكذا جميع الكواكب فلا يقع بسببها تقدم ولا تأخر ولهذا لم يقل " يسبق " على قياس تدرك أي ليس من شأنه السبق إذ الكواكب كأنها كلها ساكنة بهذه الحركة . وأقول : يحتمل أن يراد لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا القمر ينبغي أن يتخلف ، فحذف إحدى القرينتين للعلم به كقوله { سرابيل تقيكم الحر } [ النحل : 81 ] وكذا الكلام في قوله { ولا الليل سابق النهار } أراد ولا النهار سابق الليل أي لا يدخل شيء منهما في غير وقته . سلمنا أن المراد بالليل والنهار آيتهما لكنه يمكن أن يقال : إنه إشارة إلى الحركة الدورية لأنه لما قال : إن الشمس لبطء سيرها لا تدرك القمر . فهم منه أن القمر يسبق الشمس بحركته ، فأشار إلى أن هذا السبق ليس على قياس المتحركات على الاستقامة ولكنه سبق هو بعينه موجب للقرب ، وهذا معنى قول أهل الهيئة إن الكوكب هارب عن نقطة ما طالب لها بعينه . وأما قوله { وكل في فلك يسبحون } فقد مرّ تفسيره في سورة الأنبياء .

/خ44