الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

ثم قال تعالى {[56673]} : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } أي : لا ينبغي ولا يمكن للشمس {[56674]} أن تدرك القمر فيذهب ضوؤه بضوئها ( فتكون الأوقات كلها نهارا .

{ ولا الليل سابق النهار } : أي : ليس يفوته بظلمته ) {[56675]} ، فتكون الأوقات كلها مظلمة {[56676]} ليلا وفي هذا لو كان إبطال التدبير الذي بنيت عليه الدنيا {[56677]} ، ألا ترى أن الدنيا إذا ذهبت وزال تدبير الشمس والقمر جمع بينهما . قال الله جل ذكره {[56678]} في حال يوم القيامة : { وجمع الشمس والقمر } {[56679]} ، ففي جمعهما زوال تدبير الدنيا بنهار بعد ليل وليل بعد نهار ، فليس في الآخرة ليل يدخل على النهار ، ولا شمس ولا قمر ، وذلك تدبير آخر ، تبارك الله أحسن الخالقين .

قال الضحاك : معناه إذا طلعت الشمس لم يكن للقمر ضوء ، وإذا طلع القمر لم يكن للشمس ضوء {[56680]} . وهو معنى قول ابن عباس {[56681]} .

قال قتادة : لكل ( حد ) {[56682]} وعلم لا يعدوه ولا يقصر دونه ، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا {[56683]} .

وعن ابن عباس في الآية : إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر ، وإذا غابا غاب أحدهما بين يدي الآخر {[56684]} .

وقيل المعنى : إن القمر في السماء الدنيا والشمس في السماء الرابعة فلا يدرك أحدهما الآخر {[56685]} .

وقيل : المعنى : إن سير القمر سير سريع ، والشمس سيرها بطيء فهي لا تدركه {[56686]} .

وسئل ابن عمر ، فقيل له {[56687]} : ما بال الشمس تصلان أحيانا ، وتبرد أحيانا ؟ فقال : أما في الشتاء فهي في السماء السابعة تحت عرش الرحمن وأما في الصيف فهي في السماء الخامسة ، قيل له : ما كنا نظن إلا أنها في هذه السماء قال : لو كانت كذلك ما قام لها شيء إلا أحرقته .

وقوله : { ولا الليل سابق النهار } استدل به بعض العلماء على أن النهار مخلوق قبل الليل وأن الليل لم يسبقه بالخلق {[56688]} .

وقيل : المعنى : إن كل واحدنهما يجيء في وقته ولا يسبق صاحبه {[56689]} .

ثم قال : { وكل في فلك يسبحون } أي {[56690]} : وكل ما ذكرنا من الشمس والقمر والليل والنهار في فلك يجرون .

قال ابن عباس : في فلك كفلك المغزل {[56691]} وجاء يسبحون بالواو لأنه لما أخبر عنهن بلفظ من يعقل أجرى ضميرهم مجرى ضمير من يعقل ولم يقل يسبحن ، ولو قيل لحسن ، ولكن جاء على هذا المعنى .


[56673]:ساقط من ب
[56674]:ب: "ولا يتمكن الليل للشمس وهو تحريف وزيادة لا محل لها.
[56675]:فتكون... بظلمته ساقط من ب
[56676]:ب: "ظلمة"
[56677]:ب: "الدنيا عليه"تقديم وتأخير
[56678]:ب: "عز وجل"
[56679]:القيامة 9
[56680]:انظر: جامع البيان 23/8 والجامع للقرطبي 15/32 والبحر المحيط 7/337
[56681]:المصادر السابقة
[56682]:ساقط من ب
[56683]:انظر: جامع البيان 23/8 والجامع للقرطبي 15/33 والبحر المحيط 7/337 والدر المنثور 7/58
[56684]:انظر: جامع البيان 23/8 والجامع للقرطبي 15/33 والبحر المحيط 7/337
[56685]:انظر: الجامع للقرطبي 15/33 وقد عزا القرطبي ذكره إلى النحاس والمهدوي
[56686]:المصدر السابق وفيه ترجيح النحاس لهذا القول على بقية الأقوال
[56687]:أ: "فقال له"
[56688]:انظر: نفس القول في الجامع للقرطبي 15/33، والإكليل للسيوطي 217 حيث ورد تعليق الكرماني عليه إذ يقول: "إن هذا القول هو خلاف الإجماع"
[56689]:انظر: الجامع للقرطبي 15/33 وقد ورد فيه هذا القول غير منسوب أيضا.
[56690]:ساقط من ب
[56691]:انظر: جامع البيان 23/8 والمحرر الوجيز 13/201 وتفسير ابن كثير 3/574 والمغزل هو ما تغزل به المرأة القطن والكتان وغيرهما انظر: اللسان مادة "غزل" 11/491