إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ} (40)

{ لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَا } أي يصحُّ ويتسهَّلُ { أَن تدْرِكَ القمر } في سرعةِ السَّيرِ فإنَّ ذلكَ يخلُّ بتكون النَّباتِ وتعيُّشِ الحيوانِ أو في الآثارِ والمنافعِ أو في المكانِ بأن تنزلَ في منزلِه أو في سلطانه فتطمس نورَه . وإيلاءُ حرفِ النَّفي الشَّمسَ للدِّلالةِ على أنَّها مسخَّرةٌ لا بتيسر لها إلا ما قُدرِّ لها { وَلاَ الليل سَابِقُ النهار } أي يسبقُه فيفوتُه ولكنْ يعاقُبه وقيل : المرادُ بهما آيتاهُما النيِّرانِ وبالسبقِ سبقُ القمرِ إلى سُلطانِ الشَّمسِ فيكون عكساً للأوَّلِ ، وإيراد السَّبقِ كان الإدراك لأنَّه الملائمُ لسرعةِ سيرهِ { وَكُلٌّ } أي وكلُّهم على أنَّ التَّنوينَ عوضٌ عن المضافِ إليه الذي هو الضَّميرُ العائدُ إلى الشَّمسِ والقمرِ . والجمعُ باعتبارِ التَّكاثرِ العارضِ لهما بتكاثرِ مطالعهما فإنَّ اختلافَ الأحوالِ يُوجب تَعدداً ما في الذَّاتِ أو إلى الكواكبِ فإنَّ ذكرَهما مشعرٌ بها { فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } يسيرُون بانبساطٍ وسهولةٍ .