قوله تعالى : { وإني لغفار لمن تاب } قال ابن عباس : تاب من الشرك ، { وآمن } ووحد الله وصدقه { وعمل صالحاً } أدى الفرائض { ثم اهتدى } قال عطاء عن ابن عباس علم أن ذلك توفيق من الله . وقال قتادة ، و سفيان الثوري يعني : لزم الإسلام حتى مات عليه . قال الشعبي ، و مقاتل ، و الكلبي : علم أن لذلك ثواباً . وقال زيد بن أسلم : تعلم العلم ليهتدي به كيف يعمل قال الضحاك : استقام . وقال سعيد بن جبير : أقام على السنة والجماعة .
ثم فتح - سبحانه - باب الأمل لعباده فقال : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ } أى : لكثير المغفرة { لِّمَن تَابَ } من الشرك والمعاصى { وَآمَنَ } بكل ما يجب الإيمان به { وَعَمِلَ صَالِحَاً } أى : وعمل عملا مستقيما يرضى الله - تعالى - . { ثُمَّ اهتدى } أى : ثم واظب على ذلك ، وداوم على استقامته وصلاحه إلى أن لقى الله - تعالى - .
وثم فى قوله { ثُمَّ اهتدى } للتراخى النسبى ، إذ أن هناك فرقا كبيرا بين من يتوب إلى الله - تعالى - ويقدم العمل الصالح ، ويستمر على ذلك إلى أن يلقى الله - تعالى - وبين من لا يداوم على ذلك .
وإلى جانب التحذير والإنذار يفتح باب التوبة لمن يخطئ ويرجع :
( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) . .
والتوبة ليست كلمة تقال ، إنما هي عزيمة في القلب ، يتحقق مدلولها بالإيمان والعمل الصالح . ويتجلى أثرها في السلوك العملي في عالم الواقع . فإذا وقعت التوبة وصح الإيمان ، وصدقه العمل فهنا يأخذ الإنسان في الطريق ، على هدى من الإيمان ، وعلى ضمانة من العمل الصالح . فالاهتداء هنا ثمرة ونتيجة للمحاولة والعمل . .
وإلى هنا ينتهي مشهد النصر والتعقيب عليه . فيسدل الستار حتى يرفع على مشهد المناجاة الثانية إلى جانب الطور الأيمن . .
جملة { وإنّي لغَفَّارٌ } إلى آخرها استطراد بعد التحذير من الطغيان في النعمة بالإرشاد إلى ما يتدارك به الطغيان إن وقع بالتوبة والعمل الصالح . ومعنى { تَابَ } : ندم على كفره وآمن وعمل صالحاً .
وقوله { ثُمَّ اهتدى } ( ثم ) فيه للتراخي في الرتبة ؛ استعيرت للدلالة على التباين بين الشيئين في المنزلة كما كانت للتباين بين الوقتين في الحدوث . ومعنى { اهتدى : استمرّ على الهدى وثبت عليه ، فهو كقوله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } [ الأحقاف : 13 ] .
والآيات تشير إلى ما جاء في الإصحاح من سفر الخروج « الرب إله رحيم ورؤوف ، بطيء الغضب وكثير الإحسان غافر الإثم والخطيئة ولكنّه لن يبرىء إبراء » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.