المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

35- وأوفوا الكيل إذا كلتم للمشترى ، وزنوا له بالميزان العدل ، فإن إيفاء الكيل والوزن خير لكم في الدنيا ، لأنه يرغب الناس في معاملتكم ، وأجمل عاقبة في الآخرة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

قوله تعالى : { وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس } ، قرأ حمزة و الكسائي و حفص بالقسطاس بكسر القاف والباقون بضمه ، وهما لغتان وهو الميزان صغر أو كبر أي : بميزان العدل . وقال الحسن : هو القبان . قال مجاهد : هو رومي . وقال غيره : هو عربي مأخوذ من القسط وهو العدل ، أي : زنوا بالعدل . { المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلاً } أي : عاقبةً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

وبعد أن أمر - سبحانه - بالوفاء بصفة عامة ، أتبع ذلك بالوفاء فى شئون البيع والشراء ، فقال - تعالى - : { وَأَوْفُوا الكيل إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بالقسطاس المستقيم ذلك خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } .

والقسطاس : الميزان الذى يوزن به فى حالتى البيع والشراء .

قال صاحب الكشاف : قرئ { بالقسطاس } بكسر القاف وضمها . . قيل : كل ميزان صغر أو كبر من موازين الدراهم وغيرها .

وقال الآلوسى ما ملخصه : وهذا اللفظ رومى معرب . . وقيل : عربى . . وعلى القول بأنه رومى معرب - وهو الصحيح - لا يقدح استعماله فى القرآن فى عربيته المذكورة فى قوله - تعالى - : { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } لأنه بعد التعريب والسماع فى فصيح الكلام ، يصير عربيا ، فلا حاجة إلى إنكار تعريبه . . .

وقوله : { تأويلا } من الأول - بفتح الهمزة وسكون الواو - بمعنى الرجوع . يقال : آل هذا الأمر إلى كذا ، إذا رجع إليه .

والمعنى : وأتموا أيها المؤمنون الكيل إذا كلتم لغيرم عند بيعكم لهم ما تريدون بيعه ، وزنوا لهم كذلك بالميزان المستقيم العادل ما تريدون وزنه لهم .

وقيد - سبحانه - الأمر بوجوب إتمام الكيل والميزان فى حالة البيع ، لأنها الحالة التى يكون فيها التطفيف فى العادة ، إذ أن البائع هو الذى غالبا ما يطفف للمشترى فى المكيال والميزان ولا يعطيه حقه كاملا .

قال - تعالى - : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الذين إِذَا اكتالوا عَلَى الناس يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } أى : ذلك الذى أمرناكم به . من وجوب إتمام المكيال والميزان عند التعامل ، خير لكم فى الدنيا ، لأنه يرغب الناس فى التعامل معكم ، أما فى الآخرة فهو أحسن عاقبة ومآلا ، لما يترتب عليه من الثواب الجزيل لكم من الله - عز وجل - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

22

ومن الوفاء بالعهد إلى إيفاء الكيل والميزان :

( وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم . ذلك خير وأحسن تأويلا ) . .

والمناسبة بين الوفاء بالعهد وإيفاء الكيل والميزان ظاهرة في المعنى واللفظ ، فالانتقال في السياق ملحوظ التناسق .

وإيفاء الكيل والاستقامة في الوزن ، أمانة في التعامل ، ونظافة في القلب ، يستقيم بهما التعامل في الجماعة ، وتتوافر بهما الثقة في النفوس ، وتتم بهما البركة في الحياة . ( ذلك خير و أحسن تأويلا ) . . خير في الدنيا وأحسن مآلا في الآخرة .

والرسول [ ص ] يقول : " لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ، ليس به إلا مخافة الله ، إلا أبدله الله به في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير من ذلك " .

والطمع في الكيل والوزن قذارة وصغار في النفس ، وغش وخيانة في التعامل تتزعزع بهما الثقة ، ويتبعها الكساد ، وتقل بهما البركة في محيط الجماعة ، فيرتد هذا على الأفراد ؛ وهم يحسبون أنهم كاسبون بالتطفيف .

وهو كسب ظاهري ووقتي ، لأن الكساد في الجماعة يعود على الأفراد بعد حين .

وهذه حقيقة أدركها بعيدو النظر في عالم التجارة فاتبعوها ، ولم يكن الدافع الأخلاقي ، أو الحافز الديني هو الباعث عليها ؛ بل مجرد إدراكها في واقع السوق بالتجربة العملية .

والفارق بين من يلتزم إيفاء الكيل والميزان تجارة ، ومن يلتزمه اعتقادا . . أن هذا يحقق أهداف ذاك ؛ ويزيد عليه نظافة القلب والتطلع في نشاطه العملي إلى آفاق أعلى من الأرض ، وأوسع في تصور الحياة وتذوقها .

وهكذا يحقق الإسلام دائما أهداف الحياة العملية وهو ماض في طريقه إلى آفاقه الوضيئة وآماده البعيدة ، ومجالاته الرحيبة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

وقوله [ تعالى ]{[17486]} : { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ } أي : من غير تطفيف ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم . { وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ } قرئ بضم القاف وكسرها ، كالقرطاس وهو الميزان . وقال مجاهد : هو العدل بالرومية .

وقوله : { الْمُسْتَقِيمِ } أي : الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا اضطراب .

{ ذَلِكَ خَيْرٌ } أي : لكم في معاشكم ومعادكم ؛ ولهذا قال : { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } أي : مآلا ومنقلبًا في آخرتكم .

قال : سعيد ، عن قتادة : { ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } أي : خير ثوابًا وعاقبة . وأما ابن عباس كان يقول : يا معشر الموالي ، إنكم وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم : هذا المكيال ، وهذا الميزان . قال وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ، ليس به إلا مخافة الله ، إلا أبدله الله في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير له من ذلك " {[17487]} .


[17486]:زيادة من ت.
[17487]:وقد جاء في مسند أحمد (5/78) عن أبي قتادة وأبي الدهماء عن رجل من أهل البادية، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: "إنك لا تدع شيئا اتقاء الله، عز وجل، إلا أعطاك الله خيرا منه".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

القول في تأويل قوله تعالى { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } .

يقول تعالى ذكره : وَ قضى أن أوْفُوا الكَيْلَ للناس إذَا كِلْتُمْ لهم حقوقهم قِبَلَكم ، ولا تبخَسُوهم وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُسْتَقِيمِ يقول : وقَضَى أو زنوا أيضا إذا وزنتم لهم بالميزان المستقيم ، وهو العدل الذي لا اعوجاج فيه ، ولا دَغَل ، ولا خديعة . وقد اختلف أهل التأويل في معنى القسطاس ، فقال بعضهم : هو القبان . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا صفوان بن عيسى ، قال : حدثنا الحسن بن ذكوان ، عن الحسن : وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُسْتَقِيمِ قال : القَبّان .

وقال آخرون : هو العدل بالرومية . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : القِسطاس : العدل بالرومية . وقال آخرون : هو الميزان صغر أو كبر وفيه لغتان : القِسطاس بكسر القاف ، والقُسطاس بضمها ، مثل القِرطاس والقُرطاس وبالكسر يقرأ عامّة قرّاء أهل الكوفة ، وبالضمّ يقرأ عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة ، وقد قرأ به أيضا بعض قرّاء الكوفيين ، وبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، لأنهما لغتان مشهورتان ، وقراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار .

وقوله : ذلكَ خَيْرٌ يقول : إيفاؤكم أيها الناس من تكيلون له الكيل ، ووزنكم بالعدل لمن توفون له خَيْرٌ لَكُمْ من بخسكم إياهم ذلك ، وظلمكموهم فيه . وقوله : وأحْسَنُ تأْوِيلاً يقول : وأحسن مردودا عليكم وأولى إليه فيه فعلكم ذلك ، لأن الله تبارك وتعالى يرضى بذلك عليكم ، فيُحسن لكم عليه الجزاء . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأوْفُوا الكَيْلَ كِلْتُمْ وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُسْتَقِيمِ ذلكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلاً أي خير ثوابا وعاقبة .

وأخبرنا أن ابن عباس كان يقول : يا معشر الموالي ، إنكم وَلِيتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم : هذا المِكيال ، وهذا المِيزان . قال : وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «لا يَقْدِرُ رَجُلٌ على حَرَامٍ ثُمّ يَدَعُهُ ، لَيْسَ بِهِ إلاّ مَخافَةُ اللّهِ ، إلاّ أبْدَلَهُ اللّهُ فِي عاجِلِ الدّنْيا قَبْلَ الاَخِرَةِ ما هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذلكَ » .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وأحْسَنُ تَأْوِيلاً قال : عاقبة وثوابا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

وقوله تعالى : { وأوفوا الكيل } الآية ، أمر الله تعالى في هذه الآية أهل التجر والكيل والوزن أن يعطوا الحق في كيلهم ووزنهم ، وروي عن ابن عباس أنه كان يقف في السوق ويقول : يا معشر الموالي إنكم وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم ، هذا المكيال وهذا الميزان .

قال القاضي أبو محمد : وتقتضي هذه الآية أن الكيل على البائع ، لأن المشتري لا يقال له أوف الكيل ، هذا ظاهر اللفظ والسابق منه ، و { القسطاس } قال الحسن هو القبان ، ويقال القفان وهو القلسطون ، ويقال القرسطون ، وقيل : «القسطاس » الميزان صغيراً كان أو كبيراً ، وقال مجاهد { القسطاس } العدل ، وكان يقول هي لغة رومية ، فكأن الناس قيل لهم زنوا بمعدلة في وزنكم ، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر «القُسطاس » بضم القاف ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم «القِسطاس » بكسر القاف ، وهما لغتان ، واللفظة منه للمبالغة من القسط{[7567]} ، والمراد بها في الآية جنس الموازين المعدّلة على أي صفة كانت ، قال أبو حاتم إنما قرأ بكسر القاف أهل الكوفة ، وكل قراءة لا تجاوز الكوفة إلى الحرمين والبصرة فاقرأ بغيرها ، وقرأت فرقة «القصطاس » بالصاد .

قال القاضي أبو محمد : وكان مذهب مجاهد في هذا وفي ميزان القيامة ، وكل ذلك أنها استعارات للعدل ، وقوله : في ميزان القيامة مردود ، وعقيدة أهل السنة أنه ميزان له عمود وكفتان .

وسمعت أبي رضي الله عنه يقول رأيت الواعظ أبا الفضل الجوهري في جامع عمرو بن العاص يعظ الناس في الوزن فقال في جملة كلامه إن هيئة اليد بالميزان عظة وذلك أن الأصابع تجيء منها صورة المكتوبة ألف ولامان وهاء فكأن الميزان يقول الله الله .

قال القاضي أبو محمد : وهذا وعظ جميل ، و «التأويل » في هذه الآية المآل . قاله قتادة ، ويحتمل أن يكون «التأويل » مصدر تأول أي يتأول عليكم الخير في جميع أموركم إذا أحسنتم في الكيل والوزن ، والفرض من أمر الكيل والوزن تحري الحق ، فإن غلب الإنسان تعد تحريه شيء يسير من تطفيف شاذاً لم يقصده بذلك نزر موضوع عنه إثمه ، وذلك ما لا يكون الانفكاك عنه في وسع .


[7567]:علق أبو حيان الأندلسي في (البحر المحيط) على ذلك فقال: "ولا يجوز أن يكون من القسط لاختلاف المادتين، لأن القسط مادته (ق س ط)، وذلك مادته (ق س ط س) ؛ إلا أن اعتقد زيادة السين آخرا (كسين قدموس وضغيوس) فيمكن، لكنه ليس من مواضع زيادة السين المقيسة".