فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

وقد تقدّم الكلام على هذا مستوفى في الأنعام { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ } قد مضى الكلام فيه في غير موضع . قال الزجاج : كل ما أمر الله به ونهى عنه ، فهو من العهد ، فيدخل في ذلك ما بين العبد وربه ، وما بين العباد بعضهم البعض . والوفاء بالعهد : هو القيام [ بحفظه ] على الوجه الشرعي والقانون المرضي ، إلاّ إذا دلّ دليل خاص على جواز النقض { إِنَّ العهد كَانَ مَّسْؤولاً } أي : مسئولاً عنه ، فالمسئول هنا : هو صاحبه ، وقيل : إن العهد يسأل تبكيتاً لناقضه . { وَأَوْفُوا الكيل إِذا كِلْتُمْ } أي : أتموا الكيل ولا تخسروه وقت كيلكم للناس . { وَزِنُوا بالقسطاس المستقيم } . قال الزجاج : هو ميزان العدل أيّ : ميزان كان من موازين الدراهم وغيرها ، وفيه لغتان : ضم القاف ، وكسرها ، وقيل هو القبّان المسمى بالقرسطون ؛ وقيل هو العدل نفسه ، وهي لغة الروم ، وقيل : لغة سريانية . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم في رواية أبي بكر ( القُسطاس ) بضم القاف ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بكسر القاف ، والإشارة بقوله : { ذلك } إلى إيفاء الكيل والوزن ، وهو مبتدأ ، وخبره { خَيْرٌ } أي : خير لكم عند الله وعند الناس ، يتأثر عنه حسن الذكر وترغيب الناس في معاملة من كان كذلك { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } أي : أحسن عاقبة ، من آل إذا رجع .

/خ41