تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلٗا} (35)

الآية35 : وقوله تعالى : { وأوفوا الكيل إذا كلتم } أمر توفير الكيل إذا كالوا { وزنوا بالقسطاس المستقيم } والوزن إذا وزنوا لهم ، وإيفاء حقوقهم ، وهو ما قال : { فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم }( الأعراف : 85 )أن عادتهم إذا كالوا ، أو وزنوا ، يبخسون الناس أشياءهم ، ولم يوفروا حقوقهم ، فنهاهم عن ذلك ، و أوعدهم بالوعيد الشديد ، وهو قوله : { ويل للمطففين } { الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون } { وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون }( المطففين : 1و2و3 ) .

ذكر تخصيص الكيلي والوزني من بين سائر الأشياء ، يحتمل وجهين :

أحدهما : لما بهما تجرى عامة معاملة الناس ، فأمرهم بإيفاء ذلك .

والثاني : لخوف الربا الكيلي والوزني ، هما اللذان يكونان دينا في الذمة ، فإذا أخذ شيء منهما أخذ عما كان دينا في الذمة ؛ فإن نقص ، أو زاد ، فيكون ربا . لذلك خص ، وإن كان غيره من الأشياء يؤمر بالإيفاء .

وقوله تعالى : { وزنوا بالقسطاس المستقيم } قال بعضهم : القسطاس حرف أخذ من الكتب السالفة ، ليس بمعرفة . وقال بعضهم : هو العدل أي زنوا بالعدل . وقال بعضهم : هو الميزان كقوله : { أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم }( هود : 85 ) وقال بعضهم : القسطاس القبان . فكيف ما كان ففيه ما ذكرنا من الأمر بتوفير الكيل والوزن ( ولإيفاء الحقوق ){[10884]} والنهي عن البخس والنقصان .

وقوله تعالى : { ذلك خير وأحسن تأويلا } يحتمل قوله : { ذلك خير } ما ذكر من توفير الكيل وإيفاء الحقوق خير في الدنيا لما فيه أمن لهم من الناس{ وأحسن تأويلا } عاقبة في الآخرة . ويحتمل قوله ذلك خير } ما ذكر في هذه من أولها إلى آخرها إذا ما عملوا بها خير لهم في الدنيا { وأحسن تأويلا } أي عاقبة .


[10884]:في الأصل : وإيفاء لحقوقهم، في م: والإيفاء لحقوقهم.