{ فقالوا أبشرا منا } من جنسنا أو من حملنا لا فضل له علينا ، وانتصابه بفعل يفسره وما بعده وقرئ بالرفع على الابتداء والأول أوجه للاستفهام . { واحدا } منفردا لا تبع له أو من آحادهم دون أشرافهم . { نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر } جمع سعير كأنه عكسوا عليه فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على ترك اتباعهم له ، وقيل السعر الجنون ومنه ناقة مسعورة .
واحدا نتبعه : واحدا من آحادهم لا من أشرافهم .
لفي ضلال وسُعُر : في بعد بيّن عن الحق . وسُعُر : جمع سعير ، وهي النار المشتعلة أو الجنون .
24- { فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ } .
أنتبع فردا واحدا منا لا يتميز علينا بشيء ؟ إذا فعلنا هذا ، وهو فرد واحد ، ونحن أمة مجتمعة ، نكون في بعد واضح عن الصواب ، وجنون بيّن لأن ذلك بعد عن الصواب ، وجنون بيّن لأن ذلك بعد عن الصواب ، وروي أن صالحا كان يقول لهم : إذا لم تتبعوني كنتم في ضلال عن الحق ، وعرَّضتم أنفسكم لعذاب النار ، فعكسوا عليه قوله ، وقالوا : إن اتبعناك كنا كما تقول في بُعد عن الحق وجنون دائم .
{ فقالوا أبشر منا واحداً نتبعه } : أي كيف نتبع بشراً واحداً منا إنكاراً منهم للإيمان بصالح عليه السلام .
{ إنا إذاً لفي ضلال وسعر } : أي إنا إذا اتبعناه فيما جاء به لفي ذهاب عن الصواب وجنون .
فقالوا في تكذيبهم له عليه السلام : { أبشراً منا واحدا نتبعه } أي كيف يتم ذلك منا ويقع ؟ عجبٌ هذا إنا إذاً لفي ضلال وسعر إنا إذا اتبعناه وهو واحد لا غير ومنا أيضا فهو كغيره من أفراد القبيلة لفي بعد عن الصواب وذهاب عن كل رشد ، وسعر أي وجنون أيضا .
{ فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر }
{ فقالوا أبشراً } منصوب على الاشتغال { منا واحداً } صفتان لبشراً { نتبعه } مفسر للفعل الناصب له والاستفهام بمعنى النفي المعني كيف نتبعه ونحن جماعة كثيرة وهو واحد منا وليس بملك ، أي لا نتبعه { إنا إذاً } إن اتبعناه { لفي ضلال } ذهاب عن الصواب { وسعر } جنون .
قوله تعالى : { فقالوا أبشراً } آدمياً ، { منا واحداً نتبعه } ونحن جماعة كثيرة وهو واحد ، { إنا إذاً لفي ضلال } خطأ وذهاب عن الصواب ، { وسعر } قال ابن عباس : عذاب . وقال الحسن : شدة عذاب . وقال قتادة : عناء ، يقولون : إنا لفي عناء وعذاب مما يلزمنا من طاعته . قال سفيان بن عيينة : هو جمع سعير . وقال الفراء : جنون ، يقال ناقة مسعورة إذا كانت خفيفة الرأس هائمة على وجهها . وقال وهب : وسعر : أي : بعد عن الحق .
ثم حكى - سبحانه - مظاهر تكذيبهم فقال : { فقالوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ . . . } .
و " بشرا " منصوب على المفعولية بالفعل " نتبعه " على طريقة الاشتغال ، وقدم لاتصاله بهمزة الاستفهام ، لأن حقها التصدير ، والاستفهام للإنكار ، وواحدا صفة لقوله { أَبَشَراً } . أى : أن قوم صالح - عليه السلام - حين جاءهم برسالته التى تدعوهم إلى إخلاص العبادة لله - تعالى - ، أنكروا ذلك ، وقالوا : أنتبع واحدا من البشر جاءنا بهذا الكلام الذى يخالف ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا ؟
{ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } أى : إنا إذا لو اتبعناه لصرنا فى ضلال عظيم ، وفى { سُعُرٍ } أى وفى جنون واضح ، ومنه قولهم : ناقة مسعورة ، إذا كانت لا تستقر على حال ، وتفرط فى سيرها كالمجنونة .
أو المعنى : إنا لو اتبعناه لكنا فى ضلال ، وفى نيران عظيمة . فالسعر بمعنى النار المسعرة ،