المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٗا مِّنَّا وَٰحِدٗا نَّتَّبِعُهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّفِي ضَلَٰلٖ وَسُعُرٍ} (24)

وقرأ الجمهور : «أبشراً منا واحداً » ونصب قوله «بشراً » بإضمار «فهل » يدل عليه قوله : { نتبعه } ، و : «واحداً » نعت ل «بشر » . وقرأ أبو السمال : «أبشرٌ منا واحداً نتبعه » ورفعه إما على إضمار فعل مبني للمفعول ، التقدير : أينبأ بشر ، وإما على الابتداء والخبر في قوله { نتبعه } و : «واحداً » على هذه القراءة إما من الضمير في : { نتبعه } وإما عن المقدر مع : { منا } كأنه يقول : أبشر كائن منا واحداً ، وفي هذا نظر{[10779]} . وحكى أبو عمر والداني قراءة أبي السمال : { أبشر منا واحد } بالرفع فيهما .

وهذه المقالة من ثمود حسد منهم واستبعاد منهم أن يكون نوع المبشر يفضل بعضه بعضاً هذا الفضل فقالوا : أنكون جمعاً ونتبع واحداً ، ولم يعلموا أن الفضل بيد الله ، يؤتيه من يشاء ، ويفيض نور الهدى من رضيه .

وقوله : { في ضلال } معناه : في أمر متلف مهلك بالإتلاف ، { وسعر } معناه : في احتراق أنفس واستعارها حنقاً وهماً باتباعه ، وقيل في السعر : العناء ، وقاله قتادة . وقيل الجنون ، ومنه قولهم ناقة بمعنى مسعورة ، إذا كانت تفرط في سيرها ، ثم زادوا في التوقي بقولهم : { أألقي الذكر عليه من بيننا } .


[10779]:إن كان حالا من الضمير في [نتبعه] كان المعنى: أنتبعه حالة كونه واحدا منفردا لا نصير له؟ وإن كان حالا من الضمير في [منا] كان المعنى: أينبأ بشر كائن منا؟ ويكون الناصب لهذه الحال الظرف.