الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٗا مِّنَّا وَٰحِدٗا نَّتَّبِعُهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّفِي ضَلَٰلٖ وَسُعُرٍ} (24)

{ أَبَشَراً مّنَّا واحدا } نصب بفعل مضمر يفسره { نَّتَّبِعُهُ } وقرىء : «أبشر منا واحد » على الابتداء . ونتبعه خبره ، والأوّل أوجه للاستفهام . كان يقول : إن لم تتبعوني كنتم في ضلال عن الحق ، وسعر : ونيران ، جمع سعير ، فعكسوا عليه فقالوا : إن اتبعناك كنا إذن كما تقول . وقيل : الضلال : الخطأ والبعد عن الصواب . والسعر : الجنون . يقال : ناقة مسعورة . قال :

كَأَنَّ بِهَا سُعْرًا إذَا الْعِيسُ هَزَّهَا *** ذَمِيلٌ وَإِرْخَاءٌ مِنَ السَّيْرِ مُتْعِبُ

فإن قلت : كيف أنكروا أن يتبعوا بشراً منهم واحداً ؟ قلت : قالوا أبشراً : إنكاراً لأن يتبعوا مثلهم في الجنسية ، وطلبوا أن يكون من جنس أعلى من جنس البشر وهم الملائكة ، وقالوا : { مِّنَّا } لأنه إذا كان منهم كانت المماثلة أقوى ، وقالوا : { واحدا } إنكاراً لأن تتبع الأمّة رجلاً واحداً . أو أرادوا واحداً من أفنائهم ليس بأشرفهم وأفضلهم .