إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٗا مِّنَّا وَٰحِدٗا نَّتَّبِعُهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّفِي ضَلَٰلٖ وَسُعُرٍ} (24)

{ فَقَالُوا أَبَشَراً منَّا } أي كائناً من جنسِنا ، وانتصابُه بفعلٍ يفسرُه ما بعدَهُ { واحدا } أي منفرداً لا تبعَ له أو واحداً من آحادِهم لا من أشرافِهم وهو صفةٌ أُخرى لبشراً وتأخيرُه عن الصفةِ المؤولةِ للتنبيهِ على أنَّ كلاً من الجنسيةِ والوحدةِ مما يمنعُ الاتباعَ ولو قُدِّمَ عليَها لفاتتِ هذه النكتةُ وقُرِئَ أبشرٌ منَّا واحدٌ على الابتداءِ . وقولُه تعالَى : { نَتَّبِعُهُ } خبرُهُ والأولُ أوجهُ للاستفهامِ { إِنَّا إِذَا } أي على تقديرِ اتباعِنا له وهو منفردٌ ونحن أُمَّةٌ جَمَّةٌ { لَفِي ضلال } عن الصوابِ { وَسُعُرٍ } أي جنونٍ فإنَّ ذلكَ بمعزلٍ من مُقتَضى العقلِ وقيلَ : كان يقولُ لهم إن لم تتبعونِي كنتُم في ضلالٍ عن الحقِّ وسعرٍ أي نيرانٍ جمعُ سعيرٍ فعكسُوا عليهِ عليهِ السَّلامُ لغايةِ عتوهِم فقالُوا إنِ اتبعناكَ كُنَّا إذن كَما تقولُ{ أأُلْقِيَ الذّكْرُ } .