السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٗا مِّنَّا وَٰحِدٗا نَّتَّبِعُهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّفِي ضَلَٰلٖ وَسُعُرٍ} (24)

ثم علل ذلك وعقبه بقوله تعالى : { فقالوا } منكرين لما جاءهم من الله تعالى غاية الإنكار { أبشراً } إنكار الرسالة ، هذا النوع ليكون إنكار النبوة نبيهم على أبلغ الوجوه وهو منصوب بفعل يفسره { نتبعه } الآتي .

وقولهم : { منا } نعت له أي فلا فضل له علينا فما وجه اختصاصه بذلك من بيننا ، وقولهم : { واحداً } نعت له أيضاً ، ثم عظموا الإنكار بقولهم { نتبعه } أي : نجاهد أنفسنا في خلع مألوفنا وما كان عليه آباؤنا ، والاستفهام بمعنى النفي والمعنى : كيف نتبعه ونحن أشد الناس قوّة وكثرة وهو واحد منّا .

ثمَّ استنتجوا من هذا الإنكار الشديد قولهم مؤكدين : { إنَّا إذاً } أي : إن أتبعناه { لفي ضلال } أي : ذهاب عن الصواب محيط بنا { وسعر } أي : ونيران جمع سعير فعكسوا عليه وقالوا : إن اتبعناك كنا إذاً كما تقول ، وقيل : السعر الجنون يقال ناقة مسعورة قال الشاعر :

كأنّ بها سعر إذا العيس هزها *** ذميل وإرخاء من السير متعب