فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٗا مِّنَّا وَٰحِدٗا نَّتَّبِعُهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّفِي ضَلَٰلٖ وَسُعُرٍ} (24)

{ فَقَالُواْ أَبَشَراً منَّا واحدا نَّتَّبِعُهُ } الاستفهام للإنكار : أي كيف نتبع بشراً كائناً من جنسنا منفرداً وحده لا متابع له على ما يدعو إليه .

قرأ الجمهور : بنصب { بشراً } على الاشتغال : أي أنتبع بشراً واحداً . وقرأ أبو السماك والداني وأبو الأشهب وابن السميفع بالرفع على الابتداء ، و { واحداً } صفته ، و { نتبعه } خبره . وروي عن أبي السماك أنه قرأ برفع ( بشراً ) ونصب ( واحداً ) على الحال { إِنَّا إِذاً لَّفِي ضلال } أي إنا إذا اتبعناه لفي خطأ ، وذهاب عن الحق { وَسُعُرٍ } أي عذاب وعناء وشدّة كذا قال الفراء وغيره . وقال أبو عبيدة : هو جمع سعير ، وهو لهب النار ، والسعر : الجنون يذهب كذا وكذا لما يلتهب به من الحدّة . وقال مجاهد : { وسعر } وبُعد عن الحقّ . وقال السديّ : في احتراق ، وقيل المراد به هنا : الجنون ، من قولهم : ناقة مسعورة : أي كأنها من شدّة نشاطها مجنونة ، ومنه قول الشاعر يصف ناقة :

تَخالُ بها سُعْراً إِذَا السَّعْرُ هَزَّهَا *** ذَمِيلٌ وإِيقاعٌ من السَّيْرِ مُتْعِبُ

/خ40