فتدلّى : امتد من أعلى إلى أسفل فزاد قربه ، من قولهم : تدلّت الثمرة .
قاب قوسين : القاب : ما بين المقبض وطرف القوس ، والقوس آلة على هيئة الهلال ترمى بها السهام ، أي : مقدار قوسين عربيتين ، والعرب تقدّر الأطوال بالقوس والرمح ، وبالذراع والباع ، وبالخطوة والشبر والإصبع .
8 ، 9- { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى } .
ثم اقترب جبريل من النبي صلى الله عليه وسلم ، وجعل يدنو منه ويتدلّى ، أي : يزيد في القرب والنزول ، حتى كان مقدار ما بين جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم من المسافة مقدار قوسين ، أو أقل من قوسين وأقرب من ذلك ، على تقديركم ومعاييركم ، وهذا كناية عن القرب .
ويصح أن يكون المعنى : بل هو أدنى .
وكل ذلك يعبّر عن القرب الحسّي والمعنوي ، والشوق والتقارب بين جبريل عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم .
{ فكان قاب قوسين أو أدنى } منه . أي فكان من النبي صلى الله عليه وسلم قدر قوسين من الأقواس العربية المعهودة بل أقرب . والقاب : القدر ؛ وقد جاء التقدير للأطوال بالذراع والباع والرمح والسوط والقوس ، وربما سموا الدراع قوسا ؛ والمعنى عليه : كمقدار ذراعين بل أقرب . وقيل القاب : ما بين وتر القوس ومقبضها . وكان العرب في الجاهلية إذا تحالفوا يخرجون قوسين ويلصقون إحداهما بالأخرى ، فيكون قاب إحداهما ملاصقا للآخر حتى كأنهما قاب واحد ، ثم ينزعونهما معا ويرمون سهما واحدا ؛ فيكون ذلك رمزا إلى أن رضاء أحدهم رضاء الآخر ، وسخطه سخطه ، فكان جبريل ملاصقا له صلى الله عليه وسلم كما يلاصق القاب القاب من القوسين . وهذا المعنى أليق برواية : " ضمه إلى نفسه " .
{ فَكَانَ } أي جبريل عليه السلام من النبي صلى الله عليه وسلم { قَابَ قَوْسَيْنِ } أي من قسى العرب لأن الإطلاق ينصرف إلى متعارفهم ، والقاب ، وكذا القيب . والقاد . والقيد . والقيس المقدار ، وقرأ زيد بن علي قاد ، وقرئ قيد وقدر ، وقد جاء التقدير بالقوس كالرمح والذراع وغيرهما ، ويقال على ما بين مقبض القوس وسيتها ، وهي ما عطف من طرفيها فلكل قوس قابان ، وفسر به هنا قيل : وفي الكلام عليه قلب أي فكان قابى قوس ، وفي «الكشف » لك أن تقول قابا قوس وقاب قوسين واحد دون قلب ، وعن مجاهد . والحسن أن قاب القوس ما بين وترها ومقبضها ولا حاجة إلى القلب عليه أيضاً فإن هذا على ما قال : الخفاجي إشارة إلى ما كانت العرب في الجاهلية تفعله إذا تحالفوا فإنهم كانوا يخرجون قوسين ويلصقون إحداهما بالأخرى فيكون القاب ملاصقاً للآخر حتى كأنهما ذا قاب واحد ثم ينزعونهما معاً ويرمون بهما سهماً واحداً فيكون ذلك إشارة إلى أن رضا أحدهم رضا الآخر وسخطه سخطه لا يمكن خلافه ، وعن ابن عباس القوس هنا ذراع يقاس به الأطوال وإليه ذهب أبو رزين ، وذكر الثعلبي أنه من لغة الحجاز ، وأياً ما كان فالمعنى على حذف مضاف أي فكان ذا قاب قوسين ونحوه قوله
: فأدرك أبقاء لعرادة ظلعها *** وقد جعلتني من ( خزيمة أصبعا )
فإنه على معنى ذا مقدار أصبع وهو القرب فكأنه قيل فكان قريباً منه ، وجوز أن يكون ضمير كان للمسافة بتأويلها بالبعد ونحوه فلا حاجة إلى اعتبار الحذف وليس بذاك { أَوْ أدنى } أي أو أقرب من ذلك ، و { أَوْ } للشك من جهة العباد على معنى إذا رآه الرائي يقول : هو قاب قوسين أو أدنى ، والمراد إفادة شدة القرب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.