محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ} (9)

{ فكان قاب قوسين أو أدنى } أي كأن مسافة ما بينهما مقدار قوسين . أي بقدرهما إذا مُدَّا أو أقرب . أو الضمير لجبريل . أي كأن قربه قدر ذلك .

قال الشهاب : وقاب القوس وقيبه : ما بين الوتر ومقبضه . والمراد به المقدار ، فإنه يقدّر بالقوس ، كالذراع .

وقد قيل : إنه مقلوب ، أي قابيْ قوس ، ولا حاجة إليه . فإن هذا إشارة إلى ما كانت العرب في الجاهلية تفعله . إذا تحالفوا أخرجوا قوسين . ويلصقون إحداهما بالأخرى ، فيكون القاب ملاصقا للآخر ، حتى كأنهما ذوا قاب واحد ، ثم ينزعانهما معا ويرميان بهما سهما واحدا ، فيكون ذلك إشارة إلى أن رضا أحدهما رضا الآخر ، وسخطه سخطه ، لا يمكن خلافه –كذا قال مجاهد ، وارتضاه عامة المفسرين – انتهى .

/ قال السمين : وقوله تعالى { أو أدنى } كقوله :{[6815]} { أو يزيدون } لأن المعنى : فكان بأحد هذين المقدارين في رأي الرائي . أي لتقارب ما بينهما ، يشك الرائي في ذلك . فهو تمثيل لشدة القرب ، وتحقيق استماعه لما أوحي إليه بأنه في رأي العين ، ورأي الواقف عليه ، كما مر في { أو يزيدون } فإن المعنى : إذا رآهم الرائي يقول هم مائة ألف أو يزيدون .

وقيل : { أو } بمعنى ( بل ) أي بل أدنى .

و { أدنى } أفعل تفضيل ، والمفضل عليه محذوف . أي : أو أدنى من قاب قوسين .


[6815]:[37/ الصافات/ 147].