تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ} (9)

الآية 9 وقوله تعالى : { فكان قاب قوسين أو أدنى } اختُلف فيه :

قال بعضهم : القاب هو صدر القوس أي كان قدر صدر القوس من الوَتَر مرتين ، وقال بعضهم : أي قدر قوسين حقيقة .

وقال القتبيّ : { قاب } قدر { قوسين } عربيّتين . وقال أبو عوسجة : القاب قدر الطّول ، وقيل : القوس الذراع ههنا ، أي كان قدر ما بينهما ذراعين ؛ قال : والأول [ أقرب إليّ لما ]{[20047]} رُوي عن النبي عليه السلام [ أنه ]{[20048]} قال : ( لَقابُ قوس أحدكم من الجنة أو موضع قدّه خير من الدنيا وما فيها ) [ البخاري 2796 ] والقِدّ السّوط .

فتقول : أي الوجوه كان ففيه دليل أنه لم يكن جبرائيل عليه السلام يبعُد من رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث لا يحيط به لأن الشيء إذا بَعُد عن البصر يعرفه بالاجتهاد ، ولا يدركه حقيقة ، وكذلك إذا قرُب منه حتى إذا ماسّه ، والتصق به ، قصُر البصر عن إدراكه ، وإذا كان بين البُعد والقُرب أحاط به ، وأدركه ، فيُخبر الله تعالى أنه أحاط به علما ، وأدركه حقيقة ، لا أن كانت معرفته إياه بطريق الاجتهاد ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { أو أدنى } قال أهل التأويل : حرف أو حرف شكٍّ . وذلك غير محتمل من الله تعالى ، ولكن معناه على الإيجاب ، أي بل أدنى .

وقال بعضهم : { أو أدنى } في اجتهادكم ووهمِكم ، لو نظرتم إليهما لقُلتم : إنهما بالقُرب والدُّنوّ قدر قوسين أو أدنى .


[20047]:في الأصل: أعجب إلي، في م: أعجب إلي.
[20048]:ساقطة من الأصل وم.