بدأت السورة بأسلوب يشوق إلى سماع الحديث عن يوم القيامة وما يكون فيه ، مشيرة إلى أن الناس فيه قسمان : فمنهم من لا يرون فيه كرامة عند استقبالهم ويدخلون نارا حامية ، ومنهم من يستقبلونه فرحين بمظاهر الرحمة والرضوان المعدة لهم . ثم ساقت الأدلة الواضحة على قدرته تعالى على البعث مما يشاهدونه بأعينهم وينتفعون به في حياتهم ، وبعد ذكر هذه الأدلة انتقلت إلى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتذكير لأنها مهمته الأولى بالنسبة إليهم . مبينة أنه ليس مسلطا عليهم فيجبروهم على الإيمان ، وأن من تولى وكفر بعد هذا التذكير ، فسوف يأخذه الله بذنبه ويعذبه العذاب الأكبر . حين يرجع إليه بعد الموت لأن رجوعهم جميعا إليه وحسابهم جميعا عليه .
1- هل أتاك - يا محمد - حديث القيامة التي تغشى الناس بأهوالها ؟ .
لما ختمت " سبح " بالحث على تطهير النفوس عن وضر الدنيا ، ورغب في ذلك بخيرية الآخرة تارة والاقتداء بأولي العزم من الأنبياء أخرى ، رهب أول هذه من الإعراض عن ذلك مرة ، ومن التزكي بغير منهاج الرسل أخرى ، فقال تعالى مذكراً بالآخرة التي حث عليها آخر تلك مقرراً لأشرف خلقه صلى الله عليه وسلم لأن ذلك أعظم في تقدير اتباعه وأقعد في تحريك النفوس إلى تلقي الخبر بالقبول : { هل أتاك } أي جاءك وكان لك وواجهك على وجه الوضوح يا أعظم خلقنا { حديث الغاشية * } أي القيامة التي تغشي الناس بدواهيها وشدائدها العظمى وزواجرها ونواهيها ، فإن الغشي لا يكون إلا فيما يكره .
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تقدم تنزيهه سبحانه عما توهم الظالمون ، واستمرت آي السورة على ما يوضح تقدس الخالق جل جلاله عن عظيم مقالهم ، أتبع ذلك بذكر الغاشية بعد افتتاح السورة بصورة الاستفهام تعظيماً لأمرها ، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : " هل أتاك " يا محمد " حديث الغاشية " وهي القيامة ، فكأنه سبحانه وتعالى يقول : في ذلك اليوم يشاهدون جزاءهم ويشتد تحسرهم حين لا يغني عنهم ، ثم عرف بعظيم امتحانهم في قوله : { ليس لهم طعام إلا من ضريع } مع ما بعد ذلك وما قبله ، ثم عرف بذكر حال من كان في نقيض حالهم إذ ذلك أزيد في الفرح وأدهى ، ثم أردف بذكر ما نصب من الدلائل وكيف لم يغن فقال : { أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت } - الآيات ، أي أفلا يعتبرون بكل ذلك ويستدلون بالصنعة على الصانع ثم أمره بالتذكار - انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.