يقول تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنزلَ السَّكِينَةَ } أي : جعل الطمأنينة . قاله ابن عباس ، وعنه : الرحمة .
وقال قتادة : الوقار في قلوب المؤمنين . وهم الصحابة يوم الحديبية ، الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله ، فلما اطمأنت قلوبهم لذلك ، واستقرت ، زادهم إيمانًا مع إيمانهم .
وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الإيمان في القلوب .
ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين ، فقال : { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ } أي : ولو أرسل عليهم ملكا واحدا لأباد خضراءهم ، ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد والقتال ، لما له في ذلك من الحكمة البالغة والحجة القاطعة ، والبراهين الدامغة ؛ ولهذا قال : { وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }
{ هو الذي أنزل السكينة } الثبات والطمأنينة . { في قلوب المؤمنين } حتى ثبتوا حيث تقلق النفوس وتدحض الأقدام . { ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم } يقينا مع يقينهم برسوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ، أو نزل فيها السكون إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ليزدادوا إيمانا بالشرائع مع إيمانهم بالله واليوم الآخر . { ولله جنود السموات والأرض } يدبر أمرها فيسلط بعضها على بعض تارة ويوقع فيما بينهم السلم أخرى كما تقتضيه حكمته . { وكان الله عليما } بالمصالح . { حكيما } فيما يقدر ويدبر .
وإنزال السكينة في قلوب المؤمنين : وهي فعلية من السكون هو تسكينها لتلك الهدنة مع قريش حتى اطمأنت ، وعلموا أن وعد الله على لسان رسوله حق فازدادوا بذلك إيماناً إلى إيمانهم الأول وكثر تصديقهم . قال ابن عباس : لما آمنوا بالتوحيد زادهم العبادات شيئاً شيئاً . فكانوا يزيدون إيماناً حتى قال تعالى لهم : { اليوم أكملت لكم دينكم }{[10400]} [ المائدة : 3 ] فمنحهم أكمل إيمان أهل السماوات والأرض لا إله إلا الله . وفسر ابن عباس { السكينة } بالرحمة .
وقوله : { ولله جنود السماوات والأرض } إشارة إلى تسكين النفوس أيضاً وأن تكون مسلمة ، لأنه ينصر متى شاء وعلى أي صورة شاء مما لا يدبره البشر ، ومن جنده : { السكينة } التي أنزلها في قلوب أصحاب محمد فثبت بصائرهم .
وقوله تعالى : { وكان الله } أي كان ويكون ، فهي دالة على الوجود بهذه الصفة لا معينة وقتاً ماضياً . والعلم والإحكام : صفتان مقتضيتان عزة النصر لمن أراد الموصوف بهما نصره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.