يقول تعالى منبهًا على التفكر في مخلوقاته ، الدالة على وجوده وانفراده بخلقها ، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه ، فقال : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ } يعني به : النظر والتدبر والتأمل لخلق الله الأشياء من العالم العلوي والسفلي ، وما بينهما من المخلوقات المتنوعة ، والأجناس المختلفة ، فيعلموا أنها ما خلقت سُدًى ولا باطلا بل بالحق ، وأنها مؤجلة{[22779]} إلى أجل مسمى ، وهو يوم القيامة ؛ ولهذا قال : { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } .
القول في تأويل قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَتَفَكّرُواْ فِيَ أَنفُسِهِمْ مّا خَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاّ بِالْحَقّ وَأَجَلٍ مّسَمّى وَإِنّ كَثِيراً مّنَ النّاسِ بِلِقَآءِ رَبّهِمْ لَكَافِرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : أو لم يتفكّر هؤلاء المكذّبون بالبعث يا محمد من قومك في خلق الله إياهم ، وأنه خلقهم ولم يكونوا شيئا ، ثم صرفهم أحوالاً وتارات حتى صاروا رجالاً ، فيعلموا أن الذي فعل ذلك قادر أن يعيدهم بعد فنائهم خلقا جديدا ، ثم يجازي المحسن منهم بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، لا يظلم أحدا منهم فيعاقبه بجرم غيره ، ولا يحرم أحدا منهم جزاء عمله ، لأنه العدل الذي لا يجور ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلاّ بالعدل ، وإقامة الحقّ ، وأجل مسمى يقول : وبأجل مؤقت مسمى ، إذا بلغت ذلك الوقت أفنى ذلك كله ، وبدّل الأرض غير الأرض والسموات ، وبرزوا لله الواحد القهّار ، وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم جاحدون منكرون ، جهلاً منهم بأن معادهم إلى الله بعد فنائهم ، وغفلة منهم عن الاَخرة .
{ أو لم يتفكروا في أنفسهم } أو لم يحدثوا التفكر فيها ، أو أو لم يتفكروا في أمر أنفسهم فإنها اقرب إليهم من غيرها ومرآة يجتلى فيها للمستبصر ما يجتلى له في الممكنات بأسرها ليتحقق لهم قدرة مبدعها على إعادتها مثل قدرته على إبدائها . { ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق } متعلق بقول أو علم محذوف يدل عليه الكلام ، { وأجل مسمى } تنتهي عنده ولا تبقى بعده . { وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم } بلقاء جزائه عند انقضاء الأجل المسمى أو قيام الساعة . { لكافرون } جاحدون يحسبون أن الدنيا أبدية وان الآخرة لا تكون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.