الآية 8 وقوله تعالى : { أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } قد ذكرنا في غير موضع أن كل استفهام من الله وسؤال يخرج على الإيجاب والإلزام . ثم الإيجاب يخرج على وجوه :
أحدها : أن قد تفكروا ، واعتبروا ، ونظروا ، وعرفوا أنه { ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } لكنهم عاندوا ، وكابروا ، ولم ينقادوا للحق ، ولم يقروا .
والثاني : يخرج على الأمر ، أي تفكروا ، وانظروا ، واعتبروا ، لتعلموا أنه { ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } .
والثالث : على الخبر أنهم لم يتفكروا ، ولم ينظروا . ولم يعتبروا . ولو تكفروا ، واعتبروا لعلموا { ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } لكنهم لم يتفكروا ، ولم ينظروا بعد ما أعطوا أسباب العلم به . فلم يعذروا بترك التفكر والنظر والاعتبار .
وعلى هذه الوجوه الثلاثة يخرج قوله : { أولم يسيروا في الأرض فينظروا } /410-أ/ ويعلموا ما حل بالمكذبين بالتكذيب وما صارت عاقبة أمرهم ، أو سيروا في الأرض على الأمر لتعرفوا ما أصاب أولئك بالتكذيب ، أو لم يسيروا في الأرض على ما ذكرنا لئلا يعلموا عاقبة أولئك .
ثم قوله : { إلا بالحق } قيل فيه بوجوه :
أحدها : أن { ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } الذي عليهم من الشكر في ما أنعم عليهم والتعظيم له والتبجيل .
والثاني : { إلا بالحق } الذي لله عليهم من الشكر له في ما أنعم عليهم ، أي ما يحمد بفعله عاقبة ما لولا تلك العاقبة لكان لا يحمد ، إذ في الحكمة التفريق بين الولي والعدو ، وقد أشركهم جميعا في هذه الدنيا( {[15909]} ) . ولو لم يجعل دارا أخرى يفرق فيها بينهما لكان لا يحمد في ما أشركهم فيها .
والثالث : { إلا بالحق } أي بالبعث لأنه لو يكن البعث لكان خلقه السماوات والأرض وما بينهما لعبا باطلا لا حقا كقوله : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون } [ المؤمنون : 115 ] .
وقوله تعالى : { وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون } سمي البعث لقاء الرب والمصير إليه والرجوع إليه والبروز إليه والخروج ، وإن كانوا في الأوقات كلها بارزين له خارجين صائرين إليه راجعين ، لأن خلقه إياهم إنما صار حكمة لذلك البعث ، والمقصود بخلقهم ذلك البعث . لذلك سمي البعث بما ذكرنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.