المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلطُّورِ} (1)

مقدمة السورة:

بدأت السورة بالقسم بخمسة من أعظم المخلوقات على وقوع العذاب بالمكذبين ، ثم خلصت إلى الحديث عن نزوله بهم ، وألوانه معهم يوم البعث والجزاء ، وانتقلت إلى الحديث عن نعيم المتقين وما يتفكهون به في جنات الخلد ما ينالون من صنوف الإكرام ، ثم ما تقر به أعينهم من اتباع ذريتهم بهم ، ورفع درجتهم إليهم . وأعقبت ذلك أمرا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمداومة على التذكير دون مبالاة بما يتقول عليه الكافرون ، أو الالتفات لما يصفون به القرآن الكريم ، مظهرة عجزهم عن أن يأتوا بحديث مثله .

كما سفهت كثيرا من آرائهم الفاسدة إعلانا لضلالهم ، وسوء تقديرهم ، ثم ختمت بتوجيه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتركهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون ، وأمرته أن يصبر لحكم ربه بإمهالهم ، فإن ذلك لن يضيره ، لأنه في حفظ ربه ورعايته ، كما دعته إلى تسبيح الله وتنزيهه في جميع الأوقات في كل قيام يكون منه لأي غرض من الأغراض ، وفي الليل عند غروب النجوم .

1 - أقسم بجبل طور سيناء الذي كلَّم الله عليه موسى ، وبكتاب منزل من عند الله مكتوب في صحف ميسرة للقراءة ، وبالبيت المعمور بالطائقين والقائمين والركع السجود ، وبالسماء المرفوعة بغير عمد ، وبالبحر المملوء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلطُّورِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية

قال مالك ، عن الزهري ، عن محمد بن جُبَير بن مطعم ، عن أبيه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور ، فما سمعت أحدا أحسن صوتا - أو قراءة - منه .

أخرجاه من طريق مالك {[1]} وقال البخاري :

حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نَوْفَل ، عن عُرْوَةَ ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة قالت : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي ، فقال : " طُوفي من وراء الناس وأنت راكبة " ، فطفت ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ بالطور وكتاب مسطور {[2]} .

يقسم تعالى بمخلوقاته الدالة على قدرته العظيمة : أن عذابه واقع بأعدائه ، وأنه لا دافع له عنهم . فالطور هو : الجبل الذي يكون فيه أشجار ، مثل الذي كلم الله عليه موسى ، وأرسل منه عيسى ، وما لم يكن فيه شجر لا يسمى طورا ، إنما يقال له : جبل .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).