المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

14- وجنة وارفة عليهم ظلال أشجارها ، وسَهَّلَ لهم أخذ ثمارها تسهيلاً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

( ودانية عليهم ظلالها . وذللت قطوفها تذليلا ) . . وإذا دنت الظلال ودنت القطوف فهي الراحة والاسترواح على أمتع ما يمتد إليه الخيال !

فهذه هي الهيئة العامة لهذه الجنة التي جزى الله بها عباده الأبرار الذين رسم لهم تلك الصورة المرهفة اللطيفة الوضيئة في الدنيا . . ثم تأتي تفصيلات المناعم والخدمات . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

اختلف النحويون في إعراب قوله تعالى : { ودانية } ، فقال الزجاج وغيره : هو حال عطفاً على { متكئين } [ الإنسان : 13 ] وقال أيضاً : ويجوز أن يكون صفة للجنة ، فالمعنى وجزاهم جنة دانية{[11517]} ، وقرأ جمهور الناس «دانية » وقرأ الأعمش «ودانياً عليهم » وقرأ أبو جعفر «ودانيةٌ » بالرفع وقرأ أبيّ بن كعب «ودانٍ » مفرد مرفوع في الإعراب ، ودنوا الظلال بتوسط أنعم لها ، لأن الشيء المظل إذا بعد فترة ظله لا سيما من الأشجار والتذليل أن تطيب الثمرة فتتدلى وتنعكس نحو الأرض ، و «التذليل » في الجنة هو بحسب إرادة ساكنيها ، قال قتادة ومجاهد وسفيان : إن كان الإنسان قائماً تناول الثمر دون كلفة وإن كان قاعداً فكذلك ، وإن كان مضطجعاً فكذلك . فهذا تذليلها لا يرد عنها بعد ولا شوك . ومن اللفظة قول امرىء القيس : [ الطويل ]

كأنبوب السقي المذلل{[11518]}*** ومنه قول الأنصاري : والنخل قد ذللت فهي مطوقة بثمرها . و { القطوف } : جمع قطف وهو العنقود من النخل والعنب ونحوه . والعنب ونحوه .


[11517]:معنى ذلك أنها صفة لموصوف محذوف تقديره: جنة، وقيل: انتصبت [دانية] على المدح، أما رفع [دان] في قراءة أبي فهو على الاستئناف.
[11518]:البيت بتمامه: وكشح لطيف كالجديل مخضر وساق كأنبوب السقي المذلل والكشح هو الخصر، ولطيف: رقيق، والجديل: خطام يتخذ من الجلد، والمخصر: الدقيق الوسط، والأنبوب: ما بين العقدتين من القصب من كل نبات مجوف، والسقي: النخل المروي، والمذلل: الذي كثر ماؤه فأصبح لينا يطاوع كل من يتناوله، وذلك أنهم كانوا في أيام الثمر يلحون على النخل بالسقي فهو حينئذ "سقي" و "مذلل" يقول: إن خصرها رقيق لين كأنه الزمام الرقيق، وإن ساقها متألق طري ريان يحكي في صفاء لونه النبات الذي كثر ماؤه فلان.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

{ ودانية عليهم ظلالها } انتصب { دانية } عطفاً على { متكئين } لأن هذا حال سببي من أحوال المتكئين ، أي ظلال شجر الجنة قريبَة منهم . و { ظلالها } فاعل { دانية } وضمير { ظلالها } عائد إلى { جنة } .

ودنو الظلال : قربها منهم وإذ لم يعهد وصف الظل بالقرب يظهر أن دنوّ الظلال كناية عن تدلّي الأدواح التي من شأنها أن تظلل الجنات في معتاد الدنيا ولكن الجنة لا شمس فيها فيستظلَّ من حرّها ، فتعين أن تركيب { دانيةً عليهم ظلالُها } مثَل يطلق على تدلِّي أفنان الجنة لأن الظل المظلل للشخص لا يتفاوت بدنوّ ولا بعد ، وقد يكون { ظلالها } مجازاً مرسلاً عن الأفنان بعلاقة اللزوم .

والمعنى : أن أدواح الجنة قريبة من مجالسهم وذلك مما يزيدها بهجة وحسناً وهو في معنى قوله تعالى : { قُطُوفها دانية } [ الحاقة : 23 ] .

ولذلك عطف عليه جملة { وذُلّلت قطوفها تذليلاً } . أي سخرت لهم قطوف تلك الأدواح وسهلت لهم بحيث لا التواء فيها ولا صلابة تتعب قاطفها ولا يتمطَّون إليها بل يجتنونها بأسهلِ تناول .

فاستعير التذليل للتيسير كما يقال : فرس ذَلول : أي مِطواع لراكبه ، وبقرة ذَلول ، أي ممرنة على العمل ، وتقدم في سورة البقرة .

والقُطوف : جمع قِطف بكسر القاف وسكون الطاء ، وهو العنقود من التمر أو العنب ، سمّي قِطفاً بصيغة من صيغ المفعول مثل ذِبح ، لأنه يقصد قَطفه فإطلاق القطف عليه مجاز باعتبار المآل شاع في الكلام . وضمير { قطوفها } عائد إلى { جنة } أو إلى { ظلالها } باعتبار الظلال كناية عن الأشجار .

و { تذليلاً } مصدر مؤكّد لذلك ، أي تذليلاً شديداً منتهياً .