المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يَكُونُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ} (20)

20- أولئك الكافرون ، لم تكن لهم قوة تُعجز الله عن أخذهم بالعذاب في الدنيا ، ولم يكن لهم نُصراء يمنعون عنهم عذابه لو شاء أن يعجل لهم العذاب ، وإن العذاب سيقع عليهم في الآخرة أضعاف ما كان سيقع عليهم في الدنيا ، لو أراد الله أن يقع ، لأنهم كرهوا أن يسمعوا القرآن ، ويبصروا آيات الله في الكون ، كأنهم لم يكونوا يستطيعون أن يسمعوا أو يبصروا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يَكُونُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ} (20)

1

( أولئك ) . .

البعداء المبعدون الملعونون .

( لم يكونوا معجزين في الأرض ) . .

فلم يكن أمرهم معجزا لله ، ولو شاء لأخذهم بالعذاب في الدنيا . .

( وما كان لهم من دون الله من أولياء ) . .

ينصرونهم أو يمنعونهم من الله . إنما تركهم لعذاب الآخرة ، ليستوفوا عذاب الدنيا وعذاب الآخرة :

( يضاعف لهم العذاب ) . .

فقد عاشوا معطلي المدارك مغلقي البصائر ؛ كأن لم يكن لهم سمع ولا بصر :

( ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ) . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يَكُونُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ} (20)

و { معجزين } معناه : مفلتين لا يقدر عليهم . وخص ذكر { الأرض } لأن تصرف ابن آدم وتمتعه إنما هو فيها وهي قصاراه ، لا يستطيع النفوذ منها . وقوله : { وما كان لهم من دون الله من أولياء } يحتمل معنيين :

أحدهما : أن نفي أن يكون لهم ولي أو ناصر كائناً من كان .

والثاني : أن يقصد وصف الأصنام والآلهة بأنهم لم يكونوا أولياء حقيقة ، وإن كانوا هم يعتقدون أنهم أولياء .

ثم أخبر أنهم يضاعف لهم العذاب يوم القيامة ، أي يشدد حتى يكون ضعفي ما كان . و { يضاعف } فعل مستأنف وليس بصفة .

وقوله : { وما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون } يحتمل خمسة أوجه :

أحدها : أن يصف هؤلاء الكفار بهذه الصفة على معنى أن الله ختم عليهم بذلك ، فهم لا يسمعون سماعاً ينتفعون به ولا يبصرون كذلك .

والثاني : أن يكون وصفهم بذلك من أجل بغضتهم في النبي صلى الله عليه وسلم فهم لا يستطيعون أن يحملوا أنفسهم على السمع منه والنظر إليه وينظر إلى هذا حشو الطفيل بن عمرو أذنيه بالكرسف{[6294]} ، وإباية قريش وقت الحديبية أن يسمعوا ما نقل إليهم من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ردهم عن ذلك مشيختهم .

والثالث : أن يكون وصف بذلك الأصنام والآلهة التي نفى عنها - على التأويل المقدم - أن تكون أولياء .

و { ما } في هذه الوجوه نافية .

والرابع : أن يكون التقدير : يضاعف لهم العذاب بما كانوا : بحذف الجار{[6295]} ، وتكون { ما } مصدرية ، وهذا قول فيه تحامل . قاله الفراء ، وقرنه بقوله : أجازيك ما صنعت بي .

والخامس : أن تكون { ما } ظرفية ، يضاعف لهم مدة استطاعتهم السمع والبصر ، وقد أعلمت الشريعة أنهم لا يموتون فيها أبداً فالعذاب ، - إذن - متماد أبداً .

وقدم { السمع } في هذه الآية على «البصر » لأن حاسته أشرف من حاسة البصر ، إذ عليه تبنى في الأطفال معرفة دلالات الأسماء ، وإذ هو كاف في أكثر المعقولات دون البصر إلى غير ذلك .


[6294]:- الكُرسف: القطن.
[6295]:-والعرب تقول: جزيته ما فعل، وبما فعل، فيحذفون الباء مرة ويثبتونها أخرى، وأنشد سيبويه قول عمرو بن معديكرب: آمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشب أراد: "أمرتك بالخير" فحذف ووصل الفعل ونصب، والنشب: المال الثابت كالضياع ونحوها: وقيل: جميع المال، فيكون عطفه على الأول من قبيل المبالغة والتأكيد (شواهد سيبويه).