الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يَكُونُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ} (20)

ثم قال تعالى : { أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض }[ 20 ] والمعنى : أولئك الذين هذه صفتهم ، لم يكونوا معجزين ربهم سبحانه ، في الأرض بهرب ، أو باستخفاء{[32109]} ، إذا أراد عقابهم{[32110]} . { وما كان لهم من دون الله من أولياء }[ 20 ] : أي : ليس لهم من يمنعهم من الله عز وجل ، إذا أراد الانتقام منهم{[32111]} .

ثم قال تعالى : { يضاعف لهم العذاب ما{[32112]} كانوا يستطيعون السمع }[ 20 ] ولا يعقلون عن الله عز وجل{[32113]} . { وما{[32114]} كانوا يبصرون } . ولا يهتدون إلى رشدهم . وقيل : إن المعنى يضاعف لهم العذاب أبدا : أي : وقت استطاعتهم السمع والبصر{[32115]} .

وقيل : إن ( ما ) للنفي{[32116]} ، فيحسن الابتداء بها على هذا ، ولا يحسن على القولين الأولين{[32117]} .

ومعنى النفي هنا أن الضمير في ( يستطيعون ) ، و( يبصرون ) : الأصنام ، والنفي عنها : أي : لم تكن تسمع ، ولا تبصر . وهذا التأويل مروي عن ابن عباس{[32118]} .

وقيل : المعنى : إن الضمير ( لهم ) ، والنفي ( عنهم ) : أي : لم يكونوا{[32119]} ليسمعوا شيئا ينفعهم من الإيمان ، ولا يبصرونه ، لأن الله عز وجل ، حال بينهم وبين ذلك ، لما سبق في علمه ، فهو مثل قوله : { يحول بين المرء وقلبه }{[32120]} : أي : بين الكافر والإيمان{[32121]} ، وبين المؤمن والكافر . ومثله { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها }{[32122]} ، ومثله { ولو شاء ربك لآمن{[32123]} من في الأرض كلهم جميعا }{[32124]} بالله عز وجل . ختم على قلوبهم ، وعلى أبصارهم بكفرهم . قال ذلك قتادة ، فقال : فهم صم عن الحق ، فما يسمعونه ، بكم ، فما ينطقون به . عمي فلا يبصرون{[32125]} .

وروي{[32126]} عن ابن عباس رضي الله عنه{[32127]} ، إن المعنى : لا يستطيعون أن يسمعوا سماع{[32128]} منتفع بما يسمع{[32129]} ، ولا يبصرون{[32130]} إبصار مهتد ، لاشتغالهم بالكفر .

قال الزجاج : ذلك كان منهم لبغضهم النبي صلى الله عليه وسلم{[32131]} ، فلا يسمعون عنه ، ولا يفهمون ما يقول{[32132]} .

قال الفراء : سبق لهم في اللوح المحفوظ أنه يضلهم{[32133]} .

قوله : { أولياء } وقف عند النافع{[32134]} ، { العذاب } : وقف إن جعلت ( ما ) نفيا خاصة{[32135]} .


[32109]:ق: لهرب أو بالاستخفاء.
[32110]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/285.
[32111]:انظر: المصدر السابق 15/286.
[32112]:ق: بما.
[32113]:ساقط من ق.
[32114]:ق: وبما.
[32115]:انظر هذا المعنى في: إعراب النحاس 2/26.
[32116]:ط: بمجهول لابتدائها على هذا.
[32117]:انظر هذا التوجيه في: المكتفى 314.
[32118]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/287.
[32119]:ط: تكونوا.
[32120]:الأنفال: 24.
[32121]:ط: مطموس من (الإيمان) إلى: (لا من من)..
[32122]:السجدة: 13.
[32123]:ساقط من ط.
[32124]:يونس: 99.
[32125]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/286.
[32126]:انظر المصدر السابق.
[32127]:ساقط من ط.
[32128]:ق: استماع.
[32129]:ط: مطموس.
[32130]:ق: يبصروا.
[32131]:ط: عليه السلام.
[32132]:انظر: معاني الزجاج 3/45، وإعراب النحاس 2/276-277.
[32133]:انظر: معاني الفراء 2/8، وإعراب النحاس 2/276.
[32134]:انظر هذا الوقف تاما في: القطع 387، وصالحا في المقصد 45.
[32135]:انظر هذا الوقف كافيا في: القطع 387، والمكتفى 314.