فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يَكُونُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ} (20)

{ أولئك } الموصوفون بتلك الصفات { لم يكونوا معجزين في الأرض } أي ما كانوا يعجزون الله في الدنيا إن أراد عقوبتهم وقيل معناه سابقين وقيل فائتين وقيل مفلتين أنفسهم من أخذه لو أرادوا ذلك في الأرض مع سعتها وإن هربوا فيها كل مهرب .

{ وما كان لهم من دون الله من أولياء } يدفعون عنهم ما يريده الله سبحانه من عقوبتهم وإنزال بأسه بهم ومن زائدة .

{ يضاعف } وقرئ يضعف بالتشديد { لهم العذاب } في الآخرة مستأنفة لبيان أن تأخير العذاب والتراخي عن تعجيله لهم ليكون عذابا مضاعفا بسبب صدهم عن سبيل الله وإنكارهم البعث بعد الموت .

وقال السيوطي : بإضلالهم غيرهم قال الصاوي : حاصله{[951]} إن المضاعفة مخصوصة بالحسنات وأما السيئات فلا تضاعف قال تعالى { ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها } فمعنى المضاعفة الشدة لأنهم يعذبون عذابين عذابا على ضلالهم في أنفسهم وعذابا على إضلالهم غيرهم .

{ ما كانوا يستطيعون السمع } أي أفرطوا في إعراضهم عن الحق وبغضهم له حتى كأنهم لا يقدرون على السمع للحق وهذا تعليل لمضاعفة العذاب { وما كانوا يبصرون } أي ولا يقدرون على الإبصار لفرط تعاميهم عن الصواب .

ويجوز أن يراد بقوله { وما كان لهم من دون الله من أولياء } أنهم جعلوا آلهتهم أولياء من دون الله ولا ينفعهم ذلك ، فما كان هؤلاء الأولياء يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون فكيف ينفعونهم فيجلبون لهم نفعا ويدفعون عنهم ضرا .

وقوله : { يضاعف لهم العذاب } اعتراض وسط بينهما نعيا عليهم من أول الأمر سوء العاقبة ويجوز أن يكون ما هي المدة ، والمعنى أنه يضاعف لهم العذاب مدة استطاعتهم السمع والبصر ، وقال الفراء : لا يستطيعون السمع لأن الله أضلهم في اللوح المحفوظ .

وقال الزجاج : لبغضهم النبي صلى الله عليه وسلم وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفهموا عنه .

قال النحاس : هذا معروف في كلام العرب يقال فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان إذا كان ثقيلا عليه .


[951]:قوله حاصله أي حاصل قول السيوطي إ هـ منه.