نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يَكُونُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ} (20)

ولما هددهم بأمور الآخرة ، أشار إلى بيان قدرته {[39021]}على ذلك{[39022]} في الدارين بقوله : { أولئك } أي البعداء {[39023]}عن حضرة{[39024]} الرحمة { لم يكونوا } أي بوجه من الوجوه { معجزين } وأشار إلى عجزهم بأنهم لا يقدرون على بلوغ العالم العلوي بقوله : { في الأرض } أي ما كان الإعجاز - وهو الامتناع من مراد الله - لهم ولا هو في قدرتهم ، لأن قدرته على جميع الممكنات على حد سواء .

ولما نفى التعذر بأنفسهم ، نفاه من جهة غيرهم فقال : { وما كان لهم } ولما كانت الرتب التي هي{[39025]} دون عظمته سبحانه متكاثرة جداً ، بين أنهم معزولون عن كل منها بإثبات الجار فقال{[39026]} : { من دون الله } أي الملك الأعظم ، وأغرق في النفي بقوله : { من أوليآء } أي يفعلون معهم ما يفعل القريب من تولي{[39027]} المصالح والحماية من المصائب ، ومن لم يقدر على الامتناع وهو{[39028]} حي لم يمتنع بعد موته فكأنه قيل : ماذا يفعل بهم ؟ فقيل : { يضاعف } أي يفعل فيه فعل من يناظر{[39029]} آخر في الزيادة ، وبناه للمفعول لأن المرجع وجود المضاعفة مطلقاً{[39030]} { لهم العذاب } أي{[39031]} بما كانوا يضاعفون المعاصي ؛ ثم علل سبب المضاعفة بأنه خلق لهم سمعاً وبصراً فضيعوهما بتصامّهم عن الحق وتعاميهم عنه ، فكأن لا فرق بينهم وبين فاقدهما فقال : { ما{[39032]} كانوا } أي بما لهم من فساد الجبلات { يستطيعون السمع } أي يقدرون لما غلب على فطرهم الأولى السليمة بانقيادهم للهوى من التخلق بنقائص الشهوات على أن توجد طاعته لهم فما كانوا يسمعون { وما كانوا } يستطيعون ، الإبصار فما{[39033]} كانوا { يبصرون } حتى يعرضوا عن الشهوات فتوجد استطاعتهم للسمع والإبصار{[39034]} ، وهو كناية عن عدم قبولهم للحق وأن شدة إعراضهم عنه وصلت إلى حد صارت فيه توصف بعدم الاستطاعة كما يقول الإنسان لما تشتد كراهته له : هذا مما لا أستطيع أن أسمعه ، وتكون المضاعفة بالكفر والصد ، ونفي الاستطاعة أعرق{[39035]} في العيب وأدل على النقص {[39036]}وأنكأ من نفي السمع لأنهم قد يحملونه على الإجابة ، وأما نفي البصر فغير منفك عن النقص{[39037]} سواء كان للعين أو للقلب ، هذا إن لم تخرج{[39038]} الآية على الاحتباك ، وإن خرجت عليه استوى الأمران ، وصار نفي الاستطاعة أولاً دالاًّ على نفيها ثانياً ، ونفي الإبصارثانيا يدل{[39039]} على نفي السمع أولاً .


[39021]:في ظ: عليهم.
[39022]:في ظ: عليهم.
[39023]:في ظ: من حضرات.
[39024]:في ظ: من حضرات.
[39025]:زيد من ظ.
[39026]:سقط من ظ.
[39027]:في ظ: توالي.
[39028]:في ظ: هي.
[39029]:من ظ، وفي الأصل: ناظر.
[39030]:في ظ: مطلقه.
[39031]:زيد من ظ.
[39032]:من ظ والقرآن الكريم، وفي الأصل: بما.
[39033]:من ظ، وفي الأصل: لما.
[39034]:زيد من ظ.
[39035]:سقط من ظ.
[39036]:سقط ما بلين الرقمين من ظ.
[39037]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[39038]:في ظ: لم يخرج.
[39039]:في ظ: تدل.