فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يَكُونُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ} (20)

{ أولئك } الموصوفون بتلك الصفات { لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض } أي : ما كانوا يعجزون الله في الدنيا إن أراد عقوبتهم { وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء } يدفعون عنهم ما يريده الله سبحانه من عقوبتهم ، وإنزال بأسه بهم ، وجملة { يُضَاعَفُ لَهُمُ العذاب } مستأنفة لبيان أن تأخير العذاب والتراخي عن تعجيله لهم ، ليكون عذاباً مضاعفاً .

وقرأ ابن كثير ، وابن عامر ، ويزيد ويعقوب { يضعّف } مشدّداً { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع } أي : أفرطوا في إعراضهم عن الحق ، وبغضهم له ، حتى كأنهم لا يقدرون على السمع ولا يقدرون على الإبصار ، لفرط تعاميهم عن الصواب . ويجوز أن يراد بقوله : { وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء } أنهم جعلوا آلهتهم أولياء من دون الله ، ولا ينفعهم ذلك ، فما كان هؤلاء الأولياء يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ، فكيف ينفعونهم فيجلبون لهم نفعاً أو يدفعون عنهم ضرراً ، ويجوز أن تكون «ما » هي المدية . والمعنى : أنه يضاعف لهم العذاب مدّة استطاعتهم السمع والبصر . قال الفراء : ما كانوا يستطيعون السمع ، لأن الله أضلهم في اللوح المحفوظ . وقال الزجاج : لبغضهم النبي صلى الله عليه وسلم . وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفهموا عنه .

قال النحاس : هذا معروف في كلام العرب ، يقال : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان : إذا كان ثقيلاً عليه

/خ24