المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

58- قل : لو أن في قدرتي إنزال العذاب الذي تتعجلونه ، لأنزلته عليكم غضبا لربي ، وانتهي الأمر بيني وبينكم بذلك ، ولكن الأمر لله وهو أعلم بما يستحقه الكافرون من العذاب العاجل أو الآجل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

56

ثم يؤمر أن يلمس قلوبهم وعقولهم ويلفتها إلى دلالة قوية على أن هذا الأمر من عند الله ، ومتروك لمشيئة الله . فلو أن أمر الخوارق - بما فيها إنزال العذاب - في مقدوره - وهو بشر - ما استطاع أن يمسك نفسه عن الاستجابة لهم ، وهم يلحفون هذا الإلحاف . ولكن لأن الأمر بيد الله وحده ، فهو يحلم عليهم ؛ فلا يجيئهم بخارقة يتبعها العذاب المدمر ، إن هم كذبوا بها كما فعل بمن قبلهم : ( قل : لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم ، والله أعلم بالظالمين ) . .

إن للطاقة البشرية حدودا في الصبر والحلم والإمهال . وما يحلم على البشر ويمهلهم - على عصيانهم وتمردهم وتبجحهم - إلا الله الحليم القوي العظيم . .

وصدق الله العظيم . . فإن الإنسان ليرى من بعض الخلق ما يضيق به الصدر ، وتبلغ منه الروح الحلقوم . . ثم ينظر فيجد الله - سبحانه - يسعهم في ملكه ، ويطعمهم ، ويسقيهم ، ويغدق أحيانا علهيم ، ويفتح عليهم أبواب كل شيء . . وما يجد الإنسان إلا أن يقول قوله أبي بكر - رضي الله عنه - والمشركون يضربونه الضرب المبرح الغليظ ، حتى ما يعرف له أنف من عين : " رب ما أحلمك ! رب ما أحلمك ! " . . فإنما هو حلم الله وحده . . وهو يستدرجهم من حيث لا يعلمون ! ( والله أعلم بالظالمين ) . .

فهو يمهلهم عن علم ، ويملي لهم عن حكمة ، ويحلم عليهم وهو قادر على أن يجيبهم إلى ما يقترحون ، ثم ينزل بهم العذاب الأليم . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

وقوله تعالى : { قل لو أن عندي } الآية ، المعنى لو كان عندي الآيات المقترحة أو العذاب على التأويل الآخر لقضي الأمر أي لوقع الانفصال ، وتم التنازع لظهور الآية المقترحة أو لنزل العذاب بحسب التأويلين ، وحكى الزهراوي : أن المعنى لقامت القيامة ، ورواه النقاش عن عكرمة ، وقال بعض الناس : معنى { لقضي الأمر } أي لذبح الموت{[4939]} .

قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذا قول ضعيف جداً لأن قائله سمع هذا المعنى في قوله تعالى : { وأنذرههم يوم الحسرة إذ قضي الأمر }{[4940]} وذبح الموت هنا لائق فنقله إلى هذا الموضع دون شبه ، وأسند الطبري هذا القول إلى ابن جريج غير مقيد بهذه السورة ، والظن بابن جريج أنه إنما فسر الذي في يوم الحسرة { والله أعلم بالظالمين } يتضمن الوعيد والتهديد .


[4939]:- في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يُجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح- هو الذي بياضه أكثر من سواده، وقيل: النقي البياض- فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يأهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، قال: ثم يقال: يأهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، قال: فيؤمر به فيذبح ثم يقال: يأهل الجنة خلود فلا موت، ويأهل النار خلود فلا موت) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون}. وقد خرجه البخاري بمعناه عن ابن عمر رضي الله عنهما، وابن ماجة من حديث أبي هريرة، والترمذي عن أبي سعيد برفعه، وقال فيه: حديث حسن صحيح.
[4940]:- من الآية (39) من سورة (مريم).