المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا} (26)

26- في هذا اليوم تبطل أملاك المالكين من الناس وتنقطع دعاواهم ، ويخلص الملك للرحمن - وحده - ويكون يوماً شديداً عصيباً على الكافرين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا} (26)

21

ولقد كان الكفار يقترحون أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة . وربما كان ذلك تأثرا بالأساطير الإسرائيلية التي كانت تصور الإله يتراءى لهم في سحابة أو عمود من النار . فهنا يعود ليرسم مشهدا آخر يوم يتحقق اقتراحهم بنزول الملائكة إليهم :

( ويوم تشقق السماء بالغمام ، ونزل الملائكة تنزيلا . الملك يومئذ الحق للرحمن . وكان يوما على الكافرين عسيرا ) .

وهذه الآية وكثير غيرها في القرآن يقرر أن أحداثا فلكية ضخمة ستتم في ذلك اليوم . وكلها تشير إلى اختلال كامل في النظام الذي يربط أجزاء هذا الكون المنظور وأفلاكه ونجومه وكواكبه . وإلى انقلاب في أوضاعه وأشكاله وارتباطاته ، تكون به نهاية هذا العالم . وهو انقلاب لا يقتصر على الأرض ، إنما يشمل النجوم والكواكب والأفلاك . ولا بأس من استعراض مظاهر هذا الانقلاب كما جاءت في سور متعددة . ( إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت . وإذا الجبال سيرت . . . . وإذا البحار سجرت ) . . ( إذا السماء انفطرت . وإذا الكواكب انتثرت . وإذا البحار فجرت . وإذا القبور بعثرت ) . . ( إذا السماء انشقت . وأذنت لربها وحقت . وإذا الأرض مدت . وألقت ما فيها وتخلت . وأذنت لربها وحقت ) . . ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان )( إذا رجت الأرض رجا . وبست الجبال بسا . فكانت هباء منبثا( . . )فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة . وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة . فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) . . ( يوم تكون السماء كالمهل ، وتكون الجبال كالعهن ) . . ( إذا زلزلت الأرض زلزالها . وأخرجت الأرض أثقالها ) . . ( يوم يكون الناس كالفراش المبثوث . وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) . . ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ، يغشى الناس هذا عذاب أليم ) . . ( يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا ) . . ( السماء منفطر به ) . . ( إذا دكت الإرض دكا ) . . ( فإذا برق البصر ، وخسف القمر ، وجمع الشمس والقمر ) . . ( فإذا النجوم طمست ، وإذا السماء فرجت ، وإذا الجبال نسفت ) . . ( ويسألونك عن الجبال فقل : ينسفها ربي نسفا ، فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) . . ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) . . ( ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة ) . . ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) . . ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) . .

فهذه الآيات كلها تنبئ بأن نهاية عالمنا هذا ستكون نهاية مروعة ، ترج فيها الأرض وتدك ، وتنسف فيها الجبال ، وتتفجر فيها البحار إما بامتلائها من أثر الاضطراب ، وإما بتفجر ذراتها واستحالتها نارا . كذلك تطمس فيها النجوم وتنكدر ، وتشقق فيها السماء وتنفطر ، وتتحطم فيها الكواكب وتنتثر ، وتختل المسافات فيجمع الشمس والقمر ، وتبدو السماء مرة كالدخان ومرة متلهبة حمراء . . إلى آخر هذا الهول الكوني الرعيب .

وفي هذه السورة - الفرقان - يخوف الله المشركين بتشقق السماء بالغمام . وقد يكون هو السحب المتراكمة من أبخرة تلك الانفجارات المروعة . وتنزل الملائكة يومئذ على الكافرين كما كانوا يقترحون ، لا لتصديق الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ولكن ليتولوا عذابهم بأمر ربهم ( وكان يوما على الكافرين عسيرا )بما فيه من هول ، وبما فيه من عذاب . . فما لهم يقترحون نزول الملائكة وهم لا ينزلون إلا في مثل ذلك اليوم العسير ?

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا} (26)

{ الملك يومئذ الحق للرحمن } الثابت لهن لأن كل ملك يبطل يومئذ ولا يبقى إلا ملكه ، فهو الخبر و{ للرحمن } صلته ، أو تبين ، و { يومئذ } معمول { للملك } لا { الحق } لأنه متأخر أو صفته والخبر { يومئذ } أو { للرحمن } . { وكان يوما على الكافرين عسيرا } شديدا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا} (26)

قوله : { الملك يومئذٍ } هو صدر الجملة المعطوفة فيتعلق به { يَومَ تشقق السماء بالغمام } ، وإنما قدم عليه للوجه المذكور في تقديم قوله : { يَوْم يَرَوْن الملائكة } [ الفرقان : 22 ] وكذلك القول في تكرير { يومئذ } .

و { الحق } : الخالص ، كقولك : هذا ذهب حقّاً . وهو المُلك الظاهر أنه لا يماثله مُلك ، لأن حالة الملك في الدنيا متفاوتة . والمُلك الكامل إنما هو لله ، ولكن العقول قد لا تلتفت إلى ما في الملوك من نقص وعجز وتَبهرهم بهرجة تصرفاتهم وعطاياهم فينسون الحقائق ، فأما في ذلك اليوم فالحقائق منكشفة وليس ثمة من يدّعي شيئاً من التصرف ، وفي الحديث : « ثم يقول الله : أنا المَلِكُ أيْن ملوكُ الأرض »

ووصف اليوم بعسير باعتبار ما فيه من أمور عسيرة على المشركين .

وتقديم { على الكافرين } للحصر . وهو قصر إضافي ، أي دون المؤمنين .