فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا} (26)

{ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ } أي الملك الثابت الذي لا يزول ولا يشركه فيه أحد ، للرحمن يومئذ ، لأن الملك الذي يزول وينقطع ، ليس بملك في الحقيقة . ولأن السلطان الظاهر والاستيلاء الكلي العام الثابت صورة ومعنى ظاهرا وباطنا بحيث لا زوال له أصلا ، لا يكون إلا لله تعالى ، فالملك مبتدأ ، والحق صفته ، وللرحمن خبره ، ويومئذ متعلق بالملك ، وفائدة التقييد بالظرف ، أن ثبوت الملك المذكور له سبحانه خاصة في هذا اليوم ، وأما فيما عداه من أيام الدنيا فلغيره أيضا ملك في الصورة ، وإن لم يكن حقيقيا ، وقيل إن خبر المبتدأ هو الظرف . والحق نعت للملك ، والمعنى الملك الثابت للرحمن خاصة في هذا اليوم ، وقيل الملك مبتدأ ، والحق خبره ، وللرحمن متعلق بالحق .

{ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا } أي وكان هذا اليوم مع كون الملك فيه لله وحده ، شديدا على الكفار لما يصابون به فيه وينالهم من العقاب ، بعد تحقيق الحساب . وأما على المؤمنين فهو يسير غير عسير لما ينالهم فيه من الكرامة والبشرى العظيمة ، وجاء في الحديث " أنه يهون يوم القيامة على المؤمن ، حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا " .