السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا} (26)

ثم بين تعالى أن ذلك اليوم لا يقضي فيه غيره بقوله تعالى : { الملك يومئذٍ } أي : إذ تشقق السماء بالغمام ، ثم وصف الملك بقوله تعالى : { الحق } أي : الثابت ثباتاً لا يمكن زواله ، ثم أخبر عنه بقوله تعالى : { للرحمن } أي : العام الرحمة في الدارين ، ومن عموم رحمته وحقية ملكه أن يسر قلوب أهل وده بتعذيب أهل عداوته الذين عادوهم فيه ، لتضييعهم الحق باتباع الباطل ، ولولا اتصافه بالرحمة لم يدخل أحد الجنة ، فإن قيل : مثل هذا الملك لم يكن قط إلا للرحمن ، فما الفائدة في قوله تعالى : { يومئذٍ } ؟ أجيب : بأن في ذلك اليوم لا مالك له سواه لا في الصورة ولا في المعنى ، فتخضع له الملوك وتعنو له الوجوه ، وتذل له الجبابرة بخلاف سائر الأيام { وكان } أي : ذلك اليوم الذي تظهر فيه الملائكة الذي طلب الكفار رؤيتهم له { يوماً على الكافرين عسيراً } أي : شديد العسر والاستعار .

تنبيه : هذا الخطاب يدل على أنه لا يكون على المؤمنين عسيرا جاء في الحديث «أنه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون عليه أخف من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا » .