اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا} (26)

قوله : «المُلْكُ يَوْمَئذٍ » فيها أوجه :

أحدها : أن يكون «المُلْكُ » مبتدأ والخبر «الحَقُّ » و «يَوْمَئِذٍ » متعلق ب «الملك » ، و «للرَّحْمَنِ » متعلق ب «الحَقّ » ، أو بمحذوف على التبيين ، أو بمحذوف على أنه صفة للحق{[35939]} .

الثاني : أنَّ الخبر «يَوْمَئِذٍ » ، و «الحَقُّ » : نعت للملك{[35940]} ، [ و «للرحمن » على ما تقدم ]{[35941]} .

[ الثالث : أنَّ الخبر «للرَّحْمَن » و «يَوْمَئِذٍ » متعلق ب «الملك » ، و «الحَقُّ » نعت للملك{[35942]} ]{[35943]} .

قيل : ويجوز نصب الحق بإضمار ( أَعْنِي ){[35944]} .

فصل :

المعنى : أَنَّ الملك الذي هو الملك حقاً ملك الرحمن يوم القيامة{[35945]} .

قال ابن عباس : يريد{[35946]} أَنَّ يوم القيامة لا ملك يقضي غيره{[35947]} . ومعنى وصفه بكونه حقاً : أنه لا يزول ولا يتغير{[35948]} . فإن قيل : مثل هذا الملك لم يكن{[35949]} قط إلا للرحمن ، فما الفائدة في قوله : «يَوْمَئِذٍ » ؟ . فالجواب لأَنّ في ذلك اليوم لا مالك له سواه لا في الصورة ، ولا في المعنى ، فتخضع له الملوك وتعنو له الوجوه ، وتذل له الجبابرة بخلاف سائر الأيام{[35950]} . { وَكَانَ يَوْماً عَلَى الكافرين عَسِيراً } أي : شديداً ، وهذا الخطاب يدلُّ على أنه لا يكون على المؤمنين عسيراً ؛ جاء في الحديث «أنه يهوّن يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أَخَفَّ عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا » {[35951]} .


[35939]:انظر البيان 2/204، التبيان 2/984 – 985، البحر المحيط 6/495.
[35940]:انظر التبيان 2/985، البحر المحيط 6/495.
[35941]:ما بين القوسين سقط من ب.
[35942]:انظر البيان 2/204، التبيان 2/984، البحر المحيط 6/495.
[35943]:ما بين القوسين سقط من ب.
[35944]:قال الزجاج: (ويجوز: "الملك يومئذ الحق الرحمن" ولم يقرأ بها، ويكون النصب على وجهين: أحدهما: على معنى الملك يومئذ للرحمن أحق ذلك الحق، وعلى أعني الحق) معاني القرآن وإعرابه 4/65.
[35945]:انظر البغوي 6/171.
[35946]:في ب: ويريد.
[35947]:انظر البغوي 6/171.
[35948]:انظر الفخر الرازي 24/74 – 75.
[35949]:في ب: يمكن. وهو تحريف.
[35950]:انظر الفخر الرازي 24/75.
[35951]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/75.