المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (47)

47- وإن أهل الإيمان يعيشون في هذا النعيم طيبة نفوسهم ، فقد أخرجنا ما فيها من حقد ، فهم جميعاً يكونون إخوانا يجلسون علي أسِرَّةٍ تتقابل وجوههم بالبشر والمحبة ، ولا يتدابرون كل ينقب عما وراء الآخر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (47)

26

( ونزعنا ما في صدورهم من غل ) ،

في مقابل الحقد الذي يغلي به صدر إبليس فيما سلف من السياق .

/خ48

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (47)

{ ونزعنا } في الدنيا بما ألف بين قلوبهم ، أو في الجنة بتطييب نفوسهم . { ما في صدورهم من غلٍّ } من حقد كان في الدنيا وعن علي رضي الله تعالى عنه : أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم ، أو من التحاسد على درجات الجنة ومراتب القرب . { إخوانا } حال من الضمير في جنات ، أو فاعل ادخلوها أو الضمير في آمنين أو الضمير المضاف إليه ، والعامل فيها معنى الإضافة وكذا قوله : { على سرر متقابلين } ويجوز أن يكون صفتين لإخوانا أو حال من ضميره لأنه بمعنى متصافين ، وأن يكون متقابلين حالا من المستقرين على سرر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (47)

وذكر الله تعالى في هذه الآية أنه ينزع الغل من قلوب أهل الجنة ، ولم يذكر لذلك موطناً ، وجاء في بعض الحديث أن ذلك على الصراط ، وجاء في بعضها أن ذلك على أبواب الجنة ، وفي لفظ بعضها أن الغل ليبقى على أبواب الجنة كمعاطن الإبل{[7178]} .

قال القاضي أبو محمد : وهذا على أن الله تعالى يجعل ذلك تمثيلاً بلون يخلقه هناك ونحوه ، وهذا كحديث ذبح الموت{[7179]} ، وقد يمكن أيضاً أن يسل من الصدور ، ولذلك جواهر سود فيكون كمبارك الإبل ، وجاء في بعض الأحاديث أن نزع الغل إنما يكون بعد استقرارهم في الجنة .

قال القاضي أبو محمد : والذي يقال في هذا أن الله ينزعه في موطن من قوم وفي موطن من آخرين ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله تعالى فيهم : { ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين } . وذكر أن ابناً لطلحة كان عنده{[7180]} فاستأذن الأشتر فحبسه مدة ثم أذن له فدخل ، فقال ألهذا حبستني وكذلك لو كان ابن عثمان حبستني له فقال علي نعم إني وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم { ونزعنا ما في صدورهم من غل } الآية .

قال القاضي أبو محمد : وقد روي أن المستأذن غير الأشتر و { إخواناً } نصب على الحال{[7181]} ، وهذه أخوة الدين والود ، والأخ من ذلك يجمع على إخوان وإخوة أيضاً ، والأخ من النسب يجمع أخوة وإخاء ، ومنه قول الشاعر :

وأي بني الإخاء تصفو مذاهبه{[7182]} . . . ويجمع أيضاً إخواناً و { سرر } جمع سرير ، و { متقابلين } الظاهر أن معناه في الوجوه ، إذ الأسرة متقابلة فهي أحسن في الرتبة ، قال مجاهد لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه ، وقيل { متقابلين } في المودة ، وقيل غير هذا مما لا يعطيه اللفظ .


[7178]:من هذه الأحاديث ما أخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يحبس أهل الجنة بعدما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلماتهم في الدنيا، ويدخلون الجنة وليس في قلوبهم على بعض غل). ومنها ما أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن قتادة في قوله: {و نزعنا ما في صدورهم من غل}، قال: حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى لمنزله في الجنة من منزله كان في الدنيا)، قال قتادة: وكان يقال: ما يشبه بهم إلا أهل جمعة انصرفوا من جمعتهم.
[7179]:أخرجه البخاري، ومسلم ، وأحمد، وغيرهم، ولفظه كما في مسند الإمام أحمد (2 ـ 118) : عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، جيء بالموت حتى يوقف بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم ينادي مناد: يأهل الجنة خلود لا موت، يأهل النار خلود لا موت، فازداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، وازداد أهل النار حزنا على حزنهم).
[7180]:أي كان عند علي رضي الله عنه، و معنى قوله: "فحسبه مدة": أمهله مدة فلم يأذن له بالدخول فورا.
[7181]:يجوز أن يكون حالا من [المتقين]، أو من المضمر في [ادخلوها]، أو من المضمر في [آمنين]، أو يكون حالا مقدرة من الهاء والميم في [صدورهم]، وقد جوز أبو البقاء أن يكون حالا من الضمير في الظرف في قوله: {في جنات}، واعترض في "البحر" على كونها حالا من الضمير في [صدورهم]، لأن الحال من المضاف إليه إذا لم يكن معمولا لما أضيف على سبيل الرفع أو النصب تندر، ولهذا قال بعضهم: إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه كما في هذا المثال حيث أن الصدور بعض ما أضيفت إليه جاءت الحال من المضاف، قال أبو حيان: و نحن نقرر أن ذلك لا يجوز، والأفضل هنا أنها منصوبة على المدح، أي: أمدح إخوانا".
[7182]:هذا عجز بيت، ورواية اللسان: "تنبو مناسبه"، قال: ويدل على أن أخا فعل مفتوحة العين جمعهم إياها على أفعال نحو آخاء، حكاه سيبويه عن يونس، وأنشد أبو علي: وجدتم بنيكم دوننا إذ نسبتم وأي بني الآخاء تنبو مناسبه؟