تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (47)

المفردات :

الغل : الحقد والضغينة .

السرر : جمع سرير وهو المكان المهيأ لراحة الجالس عليه ، وإدخال السرور على قلبه .

متقابلين : لا يرى بعضهم قفا بعض ، بل يقابل وجهه وجه أخيه .

التفسير :

{ ونزعنا ما في صدروهم من غل إخوانا على سرر متقابلين } .

أي : أخرج الله ما كان في صدورهم في الدنيا من الشحناء ، أو العداوة والبغضاء فصاروا إخوانا متحابين ، جالسين على سرر متقابلين ، لا ينظر الواحد منهم إلى ظهر أخيه ، وإنما ينظر إلى وجهه فهم في رفعة وكرامة .

لقد كرم الله المتقين في الدنيا بالمحبة والطهارة والنقاء ، وأخلص قلوبهم من الحسد والبغضاء ، فهم في الآخرة إخوانا متحابين ، لا تشوب أخوتهم ضغينة أو بغضاء ، وهذا التآخي هو تآخي المصافاة والإخلاص ، وقد منحهم الله التكريم والقبول ، فهم جالسون على أسرة متقابلين يرى كل واحد منهم وجه أخيه .

جاء في الصحيح :

عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا ونقوا ؛ أذن لهم في دخول الجنة )xxix .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر : عن عليّ كرم الله وجهه أنه قال لابن طلحة : إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله تعالى فيهم : { ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين } .

لقد اجتهد هؤلاء الكرام ، ومرت بهم إحن وقتال ، والله مطلع على نياتهم ، فإذا دخلوا الجنة ؛ طهر الله قلوبهم من التحاسد على الدرجات في الجنة ، ونزع منها كل غل ، وألقى فيها التواد والتحاب والتصافي ، وقد روى : أن الأسرة تدور بهم حيثما داروا ؛ فهم في جميع أحوالهم متقابلين ، لا ينظر بعضهم إلى أقفية بعض ، وهم يجتمعون ويتنادمون ويتزاورون ويتواصلون .