اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (47)

قوله تعالى : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } الغِلُّ : الشَّحناءُ ، والعداوة والحقد الكامن في القلب ، مأخوذ من قولهم : أغلَّ في جوفه ، وتغلغل .

قوله : " إخْوَاناً " يجوز أن يكون حالاً من " هُمْ " في " صُدُورهِمْ " ، وجاز ذلك‘ لأنَّ المضاف جزءُ المضاف إليه .

وقال أبو البقاءِ{[19548]} : والعامل فيها معنى الإلصاق ، ويجوز أن يكون حالاً من فاعل " ادْخُلوهَا " على أنها حال مقدرة ، قاله أبو البقاء . ولا حاجة إليه بل هو حال مقارنة .

ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في قوله : " جَنَّاتٍ " .

قوله " على سُررٍ " ، يجوز أن يتعلق بنفس " إخواناً " ، لأنه بمعنى متصافين ، أي : متصافين على سُررٍ ، قاله أبو البقاء ؛ وفيه نظر ؛ حيث تأويل جامدٍ بمشتقٍّ ، بعيد منه .

و " مُتَقابِلينَ " على هذا حالٌ من الضمير في " إخْواناً " ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف{[19549]} ، على أنه صفة ل " إخْواناً " ، وعلى هذا ف " مُتقَابِلينَ " حالٌ من الضمير المستكنِّ في الجارِّ ، ويجوز أن يتعلق ب " مُتَقَابلينَ " ، أي : متقابلين على سررٍ ، وعلى هذا ف " مُتَقَابلينَ " من الضمير في " إخْواناً " أو صفة ل " إخْوَاناً " .

ويجوز نصبه على المدحِ ، يعني : أنه لا يمكن أن يكون نعتاً للضمير فلذلك قطعَ .

والسُّررُ : جمع سَريرٍ ، وهو معروفٌ ، ويجوز في " سُررٍ " ، ونحوه مما جمع على هذه الصيغةِ من مضاعف " فَعِيل " فتح العين ؛ تخفيفاً ؛ وهي لغة بني كلبٍ وتميم ، فيقولون : سُرَرٌ وجُدَدٌ ، وذلك في جمع سرير وجديد .

قال المفضل : لأنَّهم يستثقلون الضمتين المتواليتين في حرفين من جنس واحد .

فصل

قال بعض أهل المعاني : السَّريرُ : مجلسٌ رفيعٌ مهيَّأ للسُّرورِ ، وهو مأخوذ منه ؛ لأنه مجلس سرورٍ . متقابلينَ : يقابل بعضهم بعضاً ، ولا ينظر أحد منهم إلى قفا صاحبه ، والتَّقابلُ : التواجه ، وهو نقيضُ التَّدابر .


[19548]:ينظر: الإملاء 2/75.
[19549]:سقط من: ب.