النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (47)

قوله عز وجل : { ونزعنا ما في صدورهم مِنْ غِلٍّ } فيه وجهان :

أحدهما : نزعنا بالإسلام ما في صدورهم من غل{[1691]} الجاهلية ، قاله علي بن الحسين .

الثاني : نزعنا في الآخرة ما في صدورهم من غل الدنيا ، قاله الحسن ، وقد رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً .

{ إخواناً عَلَى سُرُرٍ متقابلين } في السرر وجهان :

أحدهما : أنه جمع أسرة هم عليها .

الثاني : أنه جمع سرورهم فيه .

وفي { متقابلين } خمسة أوجه :

أحدها : متقابلين بالوجوه يرى بعضهم بعضاً فلا يصرف طرفه عنه تواصلاً وتحابياً ، قاله مجاهد .

الثاني : متقابلين بالمحبة والمودة ، لا يتفاضلون فيها ولا يختلفون ، قاله علي بن عيسى .

الثالث : متقابلين في المنزلة لا يفضل بعضهم فيها على بعض لاتفاقهم على الطاعة واستهوائهم في الجزاء ، قاله أبو بكر بن زياد .

الرابع : متقابلين في الزيارة والتواصل ، قاله قتادة .

الخامس : متقابلين قد أقبلت عليهم الأزواج وأقبلوا عليهم بالود ، حكاه القاسم .

قيل إن هذه الآية نزلت في العشرة من قريش . وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير منهم{[1692]} .


[1691]:الغل: الحقد والعداوة.
[1692]:قال علي رضي الله عنه ذلك عندما دخل عليه عمران بن طلحة فرحب علي به، فقال: ترحب بي يا أمير المؤمنين وقد قتلت والدي وأخذت مالي ؟ قال: أما مالك فهو معزول في بيت المال أعد عليه فخذه، وأما أبوك فإني أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله تعالى فيهم: ونزعنا ما في صدورهم من غل ـ انظر تفسير الكشاف للزمخشري 2/451.