البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ} (47)

{ ونزعنا ما في صدورهم من غل } تقدم شرحه في الأعراف .

قيل : وانتصب إخواناً على الحال ، وهي حال من الضمير ، والحال من المضاف إليه إذا لم يكن معمولا لما أضيف على سبيل الرفع أو النصب تندر ، فلذلك قال بعضهم : إنه إذا كان المضاف جزأ من المضاف إليه كهذا ، لأنّ الصدور بعض ما أضيفت إليه وكالجزء كقوله : { واتبع ملة إبراهيم حنيفاً } جاءت الحال من المضاف .

وقد قررنا أنّ ذلك لا يجوز .

وما استدلوا به له تأويل غير ما ذكروا ، فتأويله هنا أنه منصوب على المدح ، والتقدير : أمدح إخواناً .

لما لم يمكن أن يكون نعتاً للضمير قطع من إعرابه نصباً على المدح ، وقد ذكر أبو البقاء أنه حال من الضمير في الظرف في قوله : في جنات ، وأن يكون حالاً من الفاعل في : ادخلوها ، أو من الضمير في : آمنين .

ومعنى إخواناً : ذوو تواصل وتوادد .

وعلى سرر متقابلين : حالان .

والقعود على السرير : دليل على الرفعة والكرامة التامة كما قال : يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة ، أو مثل الملوك على الأسرة .

وعن ابن عباس : على سرر مكللة بالياقوت والزبرجد والدر .

وقال قتادة : متقابلين متساوين في التواصل والتزاور .

وعن مجاهد : لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض ، تدور بهم الأسرة حيث ما داروا ، فيكونون في جميع أحوالهم متقابلين انتهى .